تقول الدكتورة إلين هندريكسن، الأخصائية في علم النفس السريري في مركز القلق والاضطرابات بجامعة بوسطن: “على الرغم من أن الأشخاص الذين يسعدون الناس هم أكثر انسجامًا مع الآخرين، وغالبًا ما يُنظر إليهم على أنهم مقبولون ومفيدون ولطيفون؛ إلا أنهم يواجهون صعوبة في الدفاع عن أنفسهم، مما قد يؤدي بهم إلى نمط ضار من التضحية بالنفس أو إهمال الذات”.
وتضيف هندريكسن، أن الساعين وراء سعادة الآخرين على حساب رفاهيتهم العاطفية، يعرضهم لآثار سلبية من بينها:
- الشعور بالغضب والإحباط تجاه استغلال الآخرين لهم والشعور بالندم أو الأسى.
- ارتفاع مستوى القلق والتوتر بسبب الإجهاد الزائد.
- نضوب الإرادة لتحقيق الأهداف الشخصية.
- ضبابية معرفة الذات بسبب إخفاء الأشخاص احتياجاتهم وتفضيلاتهم من أجل استيعاب الآخرين.
- بناء علاقات ضعيفة يعتبر فيها اللطف والاهتمام الزائد أمرًا مفروغًا منه ولا يكون فيها الأخذ والعطاء متبادلا.
وتوضح الدكتورة إلين بعض الأسباب التي تجعل هؤلاء الأشخاص ينخرطون في هذا النوع من السلوك أهمها:
– ضعف احترام الذات: يحتاج الأشخاص الذين يكرسون أنفسهم لإسعاد الآخرين بشكل مبالغ إلى التحقق الخارجي بسبب ضعف ثقتهم في أنفسهم.
– انعدام الشعور بالأمان: قد يحاول الناس إرضاء الآخرين لأنهم قلقون من خسارة محبة الأشخاص لهم، إذا لم يذهبوا إلى أبعد الحدود لإسعادهم.
– البحث عن الكمال: أحيانا يريد الناس أن يكون كل شيء على ما يرام، بما في ذلك كيف يفكر الآخرون فيهم و ما يشعرون به تجاههم.
– التجارب السابقة: قد تلعب التجارب المؤلمة أو الصعبة دورًا في محاولة إرضاء الآخرين لتجنب إثارة سلوك مسيء للآخرين.
من ناحية أخرى، يشير الدكتور في علم النفس السريري والصحة العقلية ديفيد سوسمان، إلى العلامات التي تدل على الإفراط في إرضاء الآخرين:
● صعوبة قول “لا” والشعور بالذنب عند الاضطرار لرفض أي طلب.
● الانشغال بما قد يعتقده الآخرون.
● الموافقة على أشياء غير محببة أو القيام بأفعال غير مرغوبة.
● كثرة الأسف وتقديم سلسلة من الأعذار.
● تحمل اللوم حتى لو كان الخطأ صادرا من الآخرين.
● اهمال الاحتياجات الشخصية من أجل الاهتمام بالآخرين.
● التظاهر بالانسجام مع الناس رغم أنه يخالف شعورهم الحقيقي.
نصائح لتجنب “الاحتراق الذاتي”
لحسن الحظ، هناك بعض الخطوات التي ينصح باتباعها الدكتور سوسمان لموازنة الرغبة في إسعاد الآخرين أهمها:
– وضع الحدود الصحية.
– يجب توضيح وتحديد الأمور التي نحن على استعداد لتحملها لاسيما مع الأشخاص المتطلبين، بشكل لا يتجاوز حدود قدرتنا على المساعدة.
– تغيير السلوك المعتاد.
– قد يكون من الصعب إجراء تغيير مفاجئ، لذلك من المفيد البدء بخطوات صغيرة، كالامتناع عن تنفيذ طلبات صغيرة لكسب مزيد من الثقة النفس، واستعادة السيطرة على حياتنا.
– التريث قبل الموافقة على الالتزام مع الآخرين.
– إن قول “نعم” على الفور يمكن أن يشعرنا بالالتزام، ولكن تخصيص وقت للرد على طلب ما لتقييمه قبل اتخاذ قرار الموافقة مفيد جداً ، لذلك من المهم طرح هذه الأسئلة:
● كم من الوقت سيستغرق هذا الأمر؟
● هل أريد حقًا أن أفعل هذا الأمر؟
● هل لدي الوقت للقيام بذلك؟
● إلى أي مدى سأكون متوتراً إذا قلت “نعم”؟
تجنب المبررات واختلاق الأعذار
يعتبر الخبراء “لا” جملة كاملة مع استخدام نبرة حاسمة عند رفض شيء ما، والأهم مقاومة الرغبة في تقديم الأعذار، وإضافة تفاصيل غير ضرورية يمكن أن تجعل التراجع عن القرار ممكنا.
لا نحتاج إلى التخلي عن الطيبة والكرم والصفات الجيدة التي يمكن أن تسهم في علاقات قوية ودائمة؛ لكنّ المفتاح هو فحص الدوافع والنوايا التي لا ينبغي أن تكون نابعة من الخوف أو القلق.