إيمان الهاشمي
هل حدث أن سمعت عن وجود غير الموجود؟ أي أن تجد بنفسك ما هو غير موجود من الأساس، وهل حدث أن رأيت انعدام وجود الموجود؟ أي ألاّ تجد بنفسك ما هو موجود بالأساس، تماماً كفلسفة غياب الوجود من الوجود نفسه أو ربما كوجود الغياب على الرغم من عدم وجوده أصلاً، مثلاً كأن يصبح الذهاب كالإياب، أو أن يكون الرجوع بلا رجعة، والبكاء بلا دمعة، والخوف بلا فزعة، والسعادة بلا متعة، والأمل بلا شمعة، والأمان بلا قلعة، والخذلان بلا صفعة، والمهارة بلا صنعة، والدواء بلا جرعة، والنصيب بلا قرعة، والقذارة بلا بقعة، والكبرياء بلا رفعة، والمكانة بلا سُمعة، والبديهة بلا سرعة.
هكذا تم محو أغلب آثار ملامح الفنان الألماني نيدهارت فون روينتال، الذي برع في استخدام الشعر الريفي بأسلوبه الأوروبي (الكونتيننتال)، وذلك من خلال التقنية الشعرية الأكثر رقة ودقة وإرهافاً، ليروي بالحب مسامع الشعب حباً وجدلاً وإسعافاً، فقد كان عضواً بارزاً ومميزاً بين شعراء الغزل على الرغم من كثرة الاختلاط؛ حيث كثر آنذاك الذين ينشدون أشعارهم موسيقياً في حفلات البلاط، ليزدهروا بكلمات الهيام والغرام المُلفّق، فأطلقوا على أنفسهم اسم (مينِسينگر) دلالة على العشق المنمَّق! وذلك تعبيراً عن المشاعر المكبلة باهتمامات المجتمع الشكلية، إضافة إلى ربط الأحاسيس النبيلة بالمقامات الاجتماعية والطبقية. ولذلك كتبوا كثيراً عن الحب الميؤوس منه في استجداء العواطف، وتغنّوا بتوسلات العشاق وهبوب العنصرية كالعواصف، ومع مرور الزمن أصبح لقبهم تسمية عامة بين العامة، لتشمل كتّاب القصائد الدينية والسياسية المهمة، كما تأثرت أغلب أعمالهم الأدبية، بجمال الأشعار العربية.
في ذلك العصر البائس في عيون الجميع، والبعيد عن أهم وألطف وسائل التشجيع، والمملوء بالتبشيع والتشنيع والتشييع، تم استخدام الموسيقى أحادية الصوت والخالية من التوزيع، أي بكتابة خط واحد فقط للموسيقى، للتعبير عن المفاهيم وشرح الحقيقة، باعتماد شكل تأليف معين لا يقوم إلا على قافية محددة، لتبقى باقي الأعمال المخالفة مدفونة أو مهددة، لكن من حُسن الحظ أنه في القرن الرابع عشر تغيرت هذه المعطيات، وبدأت الإيجابية في غزل نسيج الذكريات، وصار الفصل واضحاً ما بين الشاعر والمغني والمؤلف والملحن والعازف، وصار هؤلاء الفنانون يتجمعون حسب اختصاصاتهم بين الأوراق أو المعازف.
الاسم: نيدهارت فون روينتال
التاريخ:
1190 – 1237(47 سنة)
الجنسية: ألماني
النشاط: ملحن
من أعماله: Sing ein guldein hun