بيروت: هناء توبي
ميشال كمون مخرج لبناني، خاض غمار السينما من خلال كتابة وإخراج الأفلام الروائية، القصيرة والطويلة، وعرضت في مهرجانات سينمائية ودولية، ونالت جوائز وتقييمات، واستطاع من خلالها أن يقدم أفكاره وهواجسه التي تتمحور حول الإنسان والعلاقات والحب وبيروت، ومن أبرزها «فلافل»، و«كاتوديك»، و«شاور»، و«لا دوش»، وغيرها من الأفلام الناجحة التي قدم آخرها بعنوان «بيروت هولدم»، الذي افتتح في الصالات اللبنانية.. ويشارك في المهرجانات العالمية منها «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، و«مهرجان حمامات السينمائي» في تونس، حيث حصد جائزة لجنة التحكيم.
كمون أستاذ سينما في جامعات لبنان، ومدير تطوير المشاريع في معمل البحر الأحمر للسينما، ومدرّس سنوي في «بينالي كولدج» الذي يقام بالتوازي مع مهرجان البندقية السينمائي، يقول إن عالمه يدور في فلك السينما والكتابة والإخراج.
* لنبدأ من شريطك السينمائي الذي تحفل الصالات اللبنانية بعرضه حالياً، ماذا تخبرنا عنه؟
– هذا الشريط من بطولة الفلسطيني صالح بكري الذي يؤدي دور «زيكو»، ويجمع باقة من الممثلين اللبنانيين، أمثال سعيد سرحان، انجو ريحان، فادي أبي سمرا، طلال الجردي، روجيه عساف، ريتا حايك، وزياد صعيبي، وسواهم. وصراحة لم اعتمد أسلوب المبالغة أطلاقاً، كل ما قمت به هو تعرية الأشياء وكشف النقاب عما يحدث من حولنا، أنا أعيش في بيروت، وغارق في تفاصيلها، أراقبها وأعيشها، وهكذا أراها، وقد نسجت السيناريو ببساطة وبالطريقة التي أشعر بها، وهذا أهم ما في الأمر بالنسبة إلي كسينمائي، ثم قدمت الفيلم كترجمة واقعية لتجارب حية لأشخاص قد نلتقي بهم في كل زمان مكان، وكل من يشاهد الفيلم سيتلمس ذلك.
* ماذا تخبرنا عن فيلمك «قلب أحمر كبير»؟
-هذا العمل ضمن سلسلة أفلام تدور «في الحب والحياة» لمصلحة شبكة «نتفليكس» التي باشرت عرضها، وهي أفلام منفصلة عن بعضها بعضاً، تعكس منظور الحب في إطار درامي، وفي تعريفها هي مجموعة قصصية عربية مصورة بين تونس ومصر والسعودية وفلسطين والمغرب ولبنان الذي انتجت قصته تحت عنوان «قلب أحمر كبير».
* هل المصداقية والواقعية مرادفتان لأعمالك أم أن لكل فيلم طريقته وفق رسالته؟
– أفلامي واقعية، لكنها ليست وثائقية، لذا يمكن الجنوح من خلالها صوب الانطباعية إذا صح التعبير، هي قصص من الواقع وليست توثيقاً له، المصداقية بنظري ضرورة لتمهيد الطريق للتفاعل مع الأحداث والقصة، أما في ما يخص رسالة العمل فإنني لا ادعي أطلاقاً أنني أضعها نصب عيني كهدف لما أقدمه، هدفي الأول أن اعبّر عن نفسي، والسينما بالنسبة إلي هي حاجة، وليست هدفاً، احتاج للتعبير عن هواجسي، لقول ما افكر فيه، والتعبير عمّا اشعر به، لذا اكتب أعمالي وأخرجها بنفسي.
* بعد التعب الذي يرافقك خلال التحضير لفيلم جديد، هل يقلقك معيار شباك التذاكر؟
– يسعدني أن يتوافد الناس لمشاهدة أعمالي، لكن لا اسمح لنفسي بالتفكير في هذا الموضوع مطلقاً خلال اهتمامي بعملي، أنا راو سينمائي، واعتمد على الخيط السحري المخفي بين العمل والناس، وما يعنيني بالدرجة الأولى أن يشعر المتلقي أنه زار مكاناً جديداً وتعرف إلى أناس جدد، وتفاعل معهم، وشعر بنفسه كأنه منهم، وبذلك يتحول ألأوكسجين الذي أتنفسه سينمائياً إلى أوكسجين جماعي.
اختلاف الإخراج
* هل تعتقد أن الإخراج السينمائي يختلف عن إخراج المسلسلات وأعمال المنصات؟
– هذا سؤال برسم الإجابة عنه من قبل المنتجين، بالنسبة إلي لا أجد تعارضاً مع الفكرة أبداً، وعشت تجربة الأعمال الخاصة بالمنصات من خلال «قلب أحمر كبير» ضمن سلسلة مصورة من إنتاج شبكة «أي آر تي» لمصلحة «نتفليكس»، وسعدت بالتجربة لأني قدمتها وفق رؤيتي الإخراجية وبالطريقة التي أجيدها، وقد ترجم إلى 30 لغة وتمت دبلجته الصوتية بلهجات عدة، ولأن الدراما تشهد تغييرات جديدة فأنني أتوقع أننا كسينمائيين سنكون شركاء في المسلسلات ذات الحلقات القصيرة، لأنها الأقرب للطريقة التي نعمل بها.
* وهل تشاهد أفلاماً ومسلسلات لبنانية وتصفق لصناعها؟
– أكيد، أنا مشاهد ومراقب منذ صغري، أولى خيوط علاقتي بالفنون نُسجت من خلال المشاهدة، ويمكنني القول إني أول من إصفق لغيري عندما يكون العمل جيداً، وللصراحة الإنتاجات الحالية اللبنانية والعربية جيدة وتبشر بالخير.
* كيف تختار أبطالك؟
– لا شك في أن تجربة الأداء هي الأساس، يجب أن يكون الممثل المناسب في المكان المناسب، انتقاء الممثلين من أصعب المهام بالنسبة إلي، وعندما انجح في اختيار أبطالي اشعر بأن 60% من تنفيذ العمل قد تحقق، ثم بعد ذلك يأتي بناء الشخصية المكتوبة على الورق، وإلباسها ثوبها وجلدها ولحمها، مضافة إليها إدارة الممثل.
* هل من مشاريع جديدة؟
– أنا في طور كتابة فيلم جديد يحمل عنوان «الأخ»، أكاد انتهي منه لأتفرغ بعد الانتهاء من القصة والسيناريو للتنفيذ، لديّ رغبة كبيرة في ألا تطاله العراقيل لأني أحببته كثيراً، وأريده أن يرى النور. وهو واقعي وفيه مزيج من السحر بالحياة اليومية