القاهرة: نورا حسن
لم يعد نجم الكوميديا يشغل مقعده لعقود متوالية، مثلما كان أبطال ونجوم الأسود والأبيض في الماضي، إذ أصبح بزوغ نجم وخفوته متسارع جداً في الآونة الأخيرة، وأصبحت ظاهرة لافتة في الوسط الفني.
بعض النجوم يحاول التشبث بما تبقى له من نجومية، والبعض الآخر يحاول استعادة التوازن، بعد أن كانوا يعتمدون على السينما في المقام الأول، أصبح أغلبهم يحاول تقسيم نجوميته بين السينما والمسرح والتلفزيون، في الوقت الذي يسعى فيه المنتجون طوال الوقت للبحث عن وجوه جديدة لتقديمها، لدرجة أن بعضهم وجد في مجموعة أبطال «مسرح مصر» فرصة لصناعة نجوم شباك جدد، في السينما تحديداً، غير أن التجربة أثبتت أن أغلبهم لا يزال غير قادر على تحمل ما يطلق عليه «البطولة المطلقة» بمفرده، أو تحقيق مبدأ «نجم الشباك» بمفرده، وراح أغلبهم يعتمد على البطولات الثنائية أو الثلاثية، تحت عنوان عودة «البطولة الجماعية»، التي تعد سلاحاً ذا حدين، ينجح أحياناً ويخفق أحياناً في تحقيق المطلوب، ما يشير إلى حالة من التخبط في خريطة نجوم الكوميديا، ويؤكدها غياب المسرح، خصوصاً بعد انتهاء تجربة «مسرح مصر».
لم تمر سنوات احتل فيها عدد من نجوم الكوميديا الساحة، مثل محمد هنيدي، محمد سعد، أحمد حلمي، وبعدهم كريم عبد العزيز، سيطروا على شباك التذاكر في السينما، ومع ظهور نجوم آخرين مثل أحمد مكي، هاني رمزي، أحمد آدم، أشرف عبدالباقي، وغيرهم، بدأ منحنى نجوم الصف الأول في التراجع، وتبعهم نجوم الصف الثاني بظهور نجوم كوميديا جدد مثل الثلاثي هشام ماجد وشيكو وأحمد فهمي، الذي سرعان ما تفكك وانقسم إلى ثنائي وتعاون هشام ماجد وشيكو في عدد من الأعمال، فيما راح أحمد فهمي يحاول الاعتماد على اسمه منفرداً، غير أن تواجدهم لم يستمر طويلاً، وتراجع لصالح نجوم جدد مثل أكرم حسني وبيومي فؤاد وأحمد فتحي ومحمد ثروت، ليقوم كل منهم بمحاولات، ليتم إنهاء تجربة «مسرح مصر»، بعد سنوات من النجاح الجماعي، ليحاول كل منهم أن يخوض التجربة منفرداً، غير أن أغلبهم لا يزال غير قادر على المنافسة سينمائياً بشكل منفرد، ما جعل أغلبهم يلجأ إلى الثنائيات أو الثلاثيات.
وفي الوقت الذي تراجع منحنى صعود نجمة الكوميديا ياسمين عبدالعزيز، الوحيدة التي كانت قادرة على منافسة كبار نجوم الكوميديا على شباك التذاكر، بدأ نجم النجمة دنيا سمير غانم في الصعود، منذ أن حققت نجاحاً كبيراً في الدراما التلفزيونية، سواء مع أحمد مكي في «الكبير أوي»، أو تصديها بعد ذلك للبطولة المطلقة في مسلسل «لهفة»، ثم «نيللي وشريهان» وبعدهما «بدل الحدوتة تلاتة»، و«في ال لا لا لاند»، لتقرر مؤخراً أن تقتحم السينما بالبطولة المطلقة، وتقدم فيلم «تسليم أهالي» بالمشاركة مع هشام ماجد، أما شقيقتها إيمي سمير غانم التي شاركتها النجاح في «نيللي وشريهان»، فرغم أنها قررت خوض البطولة المطلقة في الدراما التلفزيونية سواء في «سوبر ميرو»، أو قبلها حين شاركت زوجها حسن الرداد في «عزمي وأشجان»، فلم تستطع أن تخوض البطولة السينمائية منفردة، وشاركت زوجها الفنان حسن الرداد في بطولة فيلم «عشان خارجين»، فيما قرر زوجها الفنان حسن الرداد عدم حصر نفسه في الكوميديا، وقرر أن يخوض تجربة الرومانسية من خلال فيلم «توأم روحي»، ثم مؤخراً الأكشن من خلال فيلم «تحت تهديد السلاح».
لعبة الكراسي الموسيقية بين نجوم الكوميديا، والصعود والتراجع، يرجعها بعض النقاد إلى الكتابة، فتؤكد الناقدة خيرية البشلاوي أن المشكلة الحقيقية في الأعمال التي لا تنجح هي جودة الكتابة، وليس مجرد كونها تعتمد على الإيفيهات أو كوميديا المواقف، ومحاولة استنساخ التجارب الناجحة، والاستسهال في الكتابة، وغياب الرؤية في كثير من الأحيان، والاقتباس من كوميديا مواقع التواصل، وهو ما يفسر منحنى التراجع لبعض النجوم.
ويؤكد المخرج الكبير عمر عبدالعزيز أن الاضحاك فن في حد ذاته، وهو عملية معقدة، فهو يعتمد على الحالة النفسية للمتلقي وثقافته ومتابعته للمستجدات في الحياة، ومدى تفهم نجم الكوميديا لذلك، فالدراما تخاطب القلب وتلعب على وتر المشاعر، لذلك قد تكون أقل صعوبة في كتابتها عن الكوميديا التي تعد من أصعب أنواع الفنون، وتعتمد بشكل كبير على تعامل المخرج مع المعطيات الكوميدية.
ويؤكد الكاتب والشاعر أيمن بهجت قمر أن هناك أعمالاً كوميدية اجتماعية نجحت وعاشت، وأخرى اعتمدت على التنميط والسخرية نجحت أيضاً، وكما نجح وفشل من اعتمدوا على الدراما الاجتماعية الكوميدية، نجح وفشل من اعتمدوا على الإيفيهات.
المشكلة في الكتابة
يرى الناقد كمال رمزي، أن المشكلة طوال الوقت تكمن في الكتابة، واستمرار النجم لا يأتي سوى بحرصه على انتقاء أعماله، لأن الإفيهات تكون ابنة عصرها، بعكس الدراما الكوميدية التي تعيش مع كل الأجيال وتستمر، فليس هناك مانع من تجديد دماء الكوميديا، بشرط ألا يزيح جيل الجيل الآخر ليحتل مكانه، فما المانع أن تتواصل الأجيال.