وفي ظل الدعوة لاستعادة ألق القراءة وزخمها، تقدم لك “سيدتي” قراءة أسبوعية فى كتاب، وكتاب اليوم يحدثنا فيه كاتبه الشاعر والكاتب الكبير أحمد فضل شبلول، عن الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ، وهو كتاب هام يلقي الضوء على مسيرة نجيب محفوظ ومحطات أعماله، ويعتبر من الروايات التوثيقية، ولا يتناول العمل حياة نجيب محفوظ فقط، بل يلقي الضوء على مصر وتاريخها والحقبة التاريخية التي واكبت حياة نجيب محفوظ من بدايتها، كتبها الشاعر والروائي الكبير أحمد فضل شبلول وقام بترجمتها إلى الإنجليزية حسن حجازي أحد كبار المترجمين في مصر.
اسم الكتاب: الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ
الكاتب: أحمد فضل شبلول
• استدعاء شبلول
تدور أحداث رواية “الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ” لمؤلفها الكاتب والشاعر المصري أحمد فضل شبلول، في الغرفة رقم 612 بمستشفى الشرطة بالعجوزة، حيث قام نجيب محفوظ أثناء مرضه الأخير باستدعاء الكاتب، ليملي عليه بعض وقائع حياته، وبعض تفسيرات أعماله الروائية وبعض ما قيل عنها بأقلام النقاد والقراء، ابتداء من أول عمل روائي صدر له وهو “رادوبيس” وانتهاء بكتابه “أحلام فترة النقاهة” بالإضافة إلى شرح علاقاته بالكتاب الآخرين سواء المصريين أو العرب أو الأجانب.
تستعرض الرواية الكيفية التي كان يكتب بها نجيب محفوظ أعماله، وآليات قراءاته المختلفة والمتنوعة، وتعرض لآرائه في الأدب والثقافة والحياة، كما تتوقف الرواية عند أهم حدثين في حياة محفوظ وهما: جائزة نوبل 1988، ومحاولة اغتياله 1994، وأصداء هذين الحدثين محلياً وعربياً وعالمياً.
-
عرفت موضوع ترشيحي لجائزة نوبل منذ أربع سنوات قبل حصولي عليها
يحكي شبلول لـ”سيدتي” عما قاله نجيب محفوظ له عن نوبل في “الليلة الأخيرة” يقول:
قال لي نجيب محفوظ: “عرفت موضوع ترشيحي لجائزة نوبل منذ أربع سنوات قبل حصولي عليها، من خلال جريدة “أخبار اليوم” ولم يكن لدي علم على الإطلاق بأكثر من هذا، سألت توفيق الحكيم حينئذ عن حقيقة ترشيحي التي تنشر في الصحف، فقال: هل طلبتْ سفارتنا منك بيانات للجنة نوبل؟ قلت: لا. قال: إذن أنت غير مرشح! لذا فوجئت تماماً عندما أُعلنت الجائزة.”
يتابع: “صباح الخميس 13 أكتوبر 1988 عندما وصلت إلى مكتبي في جريدة الأهرام، بدأ زملائي يتوافدون على مكتبي، جرى الحديث وقال أحد الزملاء، اليوم ننتظر إعلان جائزة نوبل في الأدب، ورد زميل آخر: أرى أن القائمين على أمر هذه الجائزة مازالوا يتجاهلون أدباء العالم الثالث.
فقلت له: أعتقد أن حركة الترجمة تتحمل جزءاً كبيراً من المسئولية، فكيف يصل إنتاجنا إلى هؤلاء، وهو محبوس داخل لغة لا يفهمونها، وبعدها انفضت الجلسة، وذهبت إلى البيت، تناولت غدائي، وذهبت إلى النوم، فجاءت زوجتي على غير عادتها توقظني في لهفة، وهي تقول لي انهض يا نجيب، جريدة الأهرام اتصلوا بك يقولون إنك حصلت على نوبل، وكانت دهشتي بالغة أولاً لأنني لم أكن مرشحاً، وثانياً لأن أية جهة أدبية سواء في مصر أو خارجها لم يسبق لها أن فاتحتني في أمر هذا الترشيح، فقلت لزوجتي كفي عن المزاح، ولكنه لم يكن مزاحاً بل حقيقة.”
• رواية حافلة بلحظات وأيام يعتز بها نجيب محفوظ
يؤكد شبلول لـ”سيدتي” أن الرواية تحفل باللحظات والأيام التي كان يعتز بها نجيب محفوظ، مثل لقائه بأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، ولقائه بشلة الحرافيش أسبوعياً، وندواته التي كان يعقدها في أماكن مختلفة، وعلاقته بأدباء الإسكندرية وجلساته معهم، وتنفرد الرواية بالحديث عن خصوصية العلاقة بين نجيب محفوظ والإسكندرية التي قال عنها إنها “ليس كمثلها شيء” وأنها تعادل الجمّالية (الحي الذي ولد فيه)، وأنها ارتبطت عنده بالتجدد والنشاط والحيوية. والتي يقول عنها في بداية روايته “ميرامار” الإسكندرية قطر الندى، نفثة السحابة البيضاء، مهبط الشعاع المغسول بماء السماء، وقلب الذكريات المبللة بالشهد والدموع”.
وعن علاقة نجيب محفوظ بالإسكندرية يقول شبلول: اعترف لي محفوظ أنه في مرحلة ما تسلطت الإسكندرية على نفسه في وقت من الأوقات، فكان لا بد أن يتحرر منها بالكتابة عنها وفك الأسر، حيث يقول محفوظ: “لقد كنت أشتاق لها كثيراً، أشتاق لضحكة ماريانا التي تضحكها مقلدةً نساء الأنفوشي، فأقول لها أنتِ الإسكندرية، أشتاق إلى الحجرة رقم 6 في البنسيون التي كان يقيم فيها عامر وجدي في الجناح البعيد عن البحر، وأشتاق البحر، فذكريات الإسكندرية مشتعلة دائماً في القلب، وكنت أتمنى أن أموت في جناح عامر وجدي.”
-
90 عاماً من حياة نجيب محفوظ
يوضح شبلول أنه بالرواية تحدث عن علاقة محفوظ بزوجته عطية الله، وقدم تفسيراً لعدم حب نجيب محفوظ للسفر، حيث تتوقف الرواية عند عدم سفره لاستلام جائزة نوبل بالسويد، وترشيحه آخرين للسفر بدلاً منه، وما حدث لحظة إعلان فوز محفوظ بالجائزة، لافتاً أن الرواية تغطي ما يقرب من 90 عاماً من حياة نجيب محفوظ الذي ولد في القاهرة عام 1911 وتوفي فيها عام 2006.
يقول شبلول: “عبر تسعين عاماً من عمر مصر اكتظت بالأدب والفن والثقافة والفكر والسياسة والثورة (1952) والهزيمة (1967) والنصر (1973)، استطاع أن يؤرخ لها نجيب محفوظ في أعماله الإبداعية المختلفة، حتى بلغ عدد الشخصيات الحقيقية التي جاء ذكرها في رواياته حوالي 410 شخصية، من بينها: جمال عبدالناصر وأنور السادات وسعد زغلول وتوفيق الحكيم ومحمد سلماوي وثروت عكاشة، وأم كلثوم ومحمد حسنين هيكل، وهي الأكثر دوراناً بالعمل، إلى جانب عشرات الشخصيات الروائية الشهيرة في أعمال نجيب محفوظ من أمثال “الجبلاوي والسيد أحمد عبدالجواد وسعيد مهران ورؤوف علوان وزهرة ونور وخالد صفوان وعاشور الناجي وبسيمة عمران” وغيرهم.”
• جهد غير مسبوق في الرواية العربية
بالنهاية فقد استطاعت رواية ” الليلة الأخيرة في حياة نجيب محفوظ”، والتي تم ترجمتها للغة الإنجليزية، أن تجمع بين التوثيق والتخييل، وبين السيرة والمسيرة بجدارة، فقد رجع فيها الكاتب إلى عشرات الكتب والمراجع، واستعان بالعديد من المصادر والمجلات والجرائد والمواقع الموثوقة على شبكة الإنترنت، وقدَّم لنا ثبتاً بها في نهاية الرواية، وهو عمل غير مسبوق في الرواية العربية التي اعتلى عرشها نجيب محفوظ ولا يزال، وقد حكى لنا الكاتب أحمد فضل شبلول، عن جزء يسير مما يدور بالرواية وكيف حققها، شاركينا رأيك فيما قدمناه لكِ هذا الأسبوع، وأخبرينا إن كان هناك رواية أو كتاب تودين أن نشاركك قراءته بالأسبوع القادم.