محمد نجيم (الرباط)
يأخذنا الكاتب والباحث الأكاديمي المغربي الدكتور محمد محمد خطابي، عضو الأكاديمية الإسبانية الأميركية للآداب والعلوم في كولومبيا، في كتابه الأحدث «قطوف دانية من الشعر الإسباني والأميركي اللاتيني المعاصر»، في رحلة شائقة لنتعرف على أعمال لمبدعين ومبدعات من مختلف البلدان الناطقة باللغة الإسبانية في شبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا) وفي القارة الأميركية في شقّها الجنوبي المترامي الأطراف، إنها مختارات من روائع ما كتب في تلك البلدان.
إبداعات متعددة المشارب، ومتنوّعة المذاهب لقصائد منتقاة، تنقل القارئ، إلى ماضي الأندلس، وربوع إسبانيا، أو إلى مختلف أصقاع بلدان أميركا اللاتينية على وجه العموم التي تربطنا كعرب وإياها أواصر وثيقة في مختلف المجالات التاريخية، والثقافية، والأدبية، والإبداعية.
وهذا الكتاب في رأي الدكتور خطابي، سيكون مرجعاً للعديد من طلبة اللغة الإسبانية وآدابها، كما سيكون من جهة أخرى وجهة قراءة لعُشّاق الشّعر المكتوب بلغة سرفانتيس، سواء في موطنه الأصلي بإسبانيا أو في مختلف بلدان أميركا اللاّتينية، هذا الشعر الذي نهل، وتأثر بشكل غير خافٍ على أحد على امتداد الدهور والعصور بالشّعر العربيّ عموماً، وبالشّعر الأندلسي العربي على وجه الخصوص.
ولفت الدكتور خطابي إلى العوامل التي أدت إلى نقص ذريع في القراءة، وبالأحرى في قراءة الشّعر المُترجم، وجعلت من الصّعوبة بمكان وضع تفسير واضح لهذه الظاهرة. إلاّ أنّ هناك وجهة نظر الشّاعر الذي ليس له قرّاء كثيرون. إنّنا ما زلنا نستمع إلى أقوال مثل: «إنّ العالم قد أصبح فظيعاً إلى درجة أنّه لم يعد هناك مكان أو وقت للشّعر» أو «إنّ التهديد بالحروب والجوع والأمراض الفتّاكة تعمل على بعث الكآبة في أقلّ الشّعراء حساسيةً وشعوراً»، إلاّ أنّ ذلك ليس عذراً لهجر الشعر، ولا لترجمته، أو قراءته لأنّ الشعر ليس فنّاً زخرفيّاً، ولا أداة من أدوات الزّينة والتنميق. فالشّعر يُفهم عموماً في الغرب بأنّه حامل وحافل بالأشباح والأرواح والرومانسية والرُّؤى والأحلام.
وتعود المنتخبات الشعرية التي ترجمها الدكتور خطابي إلى القرن الـ16، ليترجم لنا بعض الأشعار التي تنتمي للعصر الذهبي للشعر الإسباني، دون أن يهمل الشعراء الكبار في مدونة الشعر الإسباني الحديث أمثال فرديريكو غارسيا لوركا، وميغيل إرنانديث، وأنطونيو ماتشادو، وشقيقه مانويل ماتشادو وأسماء أخرى دون أن ينسى أن ينقل لنا أيضاً بعض الشذرات التي كتبها الرسام الإسباني الشهير بابلو بيكاسو مقارباً فيها بسرد شاعري عوالم لوحاته ومنحوتاته.