ظاهرة الزواج الفنى هى إحدى الحكايات التى تتكرر فى العالم كله، تتزوج فنانة مخرجًا فتصبح قيدًا له أو يصبح قيدًا عليها، أو تتزوج النجمة نجمًا، لا يطيق أن يراها فى عمل فنى مع أحد غيره، ليس الأمر دائمًا على هذا النحو، الزواج قد يصبح نورًا يحرك طاقة الإبداع، أو يستحيل إلى نار تحرق الزوجين، جنة أم جحيم هذا هو السؤال؟!!.
شاهدنا عبر التاريخ زيجات كانت هى الطريق للإبداع الخالص، وأخرى أشعلت حرائق الفتنة.
أشهر حالة دخلت التاريخ العربى تلك التى جمعت بين فيروز وعاصى رحبانى، بينما كان بين عاصى وشقيقه منصور توأمة، إنه زواج نادر الحدوث رغم انتهائه بالطلاق، ثم بالرحيل لعاصى، وبعد ذلك توقف منصور عن التعاون مع فيروز، واقتصرت أغانيها بعد ذلك على ألحان زياد ابنها!!.
جمع بين (الأخوين) مزاج فنى واحد، أسفر هذا الثنائى عن حالة وجدانية بدأت فى منتصف الخمسينيات من القرن الماضى، عندما التقيا بالصوت الذى يبحثان عنه، وكأن ألحان الرحبانية تستلهم مفرداتها وألقها من صوت فيروز، فى نفس الوقت كان صوت فيروز يستمد حياته من ألحان الرحبانية، وقدم هذا الثلاثى، الذى أصبح وكأنه فردًا واحدًا، عشرات من أروع الأغنيات والمسرحيات فى تاريخنا الغنائى العربى، ورغم ذلك فإن الرحبانية لم يحتكرا تمامًا صوت فيروز، كانت هناك مساحات لملحنين آخرين.
عبر التاريخ الفنى نجد فنانًا يتزوج فنانة يُشكلان- دويتو- ثنائيًا فنيًا، لكنه لا يفرض على الجمهور، مثلًا أنور وجدى وليلى مراد قدما معًا ثمانية أفلام من أنجح اللقاءات فى السينما العربية، كانت ليلى هى البطلة وأنور يلعب أمامها دور الفتى الأول، وأيضًا يخرج وينتج ويشارك فى السيناريو، هذا هو نصف الكوب الملآن من الحكاية، الآن لديكم النصف الآخر الفارغ، هل تقبل أنور وجدى ببساطة أن تلعب ليلى مراد بطولة أفلام لحساب شركات إنتاج أخرى، لتدر أفلامها أرباحًا طائلة على الآخرين؟، «أنور»- كما روت «ليلى» فى أحد أحاديثها النادرة والخاصة- كان يتعمد افتعال خناقة معها قبل موعد التصوير.
حتى تذهب إلى الاستوديو فى حالة نفسية سيئة، تنعكس سلبًا على أدائها، لم يستطع أنور وجدى أن يعلو على الغيرة المهنية ولا عن مصلحته المادية، كان هدفه احتكار ليلى مراد، وعندما حطمت قيد الحياة الزوجية واضطر إلى طلاقها، أشهر فى وجهها أسوأ سلاح من الممكن أن يوجه لإنسان، سارع باتهامها بالخيانة الوطنية، مستندا إلى ديانتها الأولى اليهودية، وقال إنها تدفع مساعدات مادية لدولة إسرائيل، وهو اتهام يزج بمن يلاحقه إلى حبل المشنقة، حصلت ليلى على البراءة، إلا أن الجرح لم يندمل حتى رحيل أنور.
المخرج الكبير عز الدين ذو الفقار تزوج فاتن حمامة، بعد قصة حب دفعت فاتن وعز إلى إعلان الزواج قبل موافقة أسرة فاتن، وبرغم طلاقهما نهاية عام 1954، وزواجها من عمر الشريف، لم يتوقف التعاون الفنى بينهما، قدما بعدها فيلمى «بين الأطلال» و«نهر الحب»، والفيلم الثانى شارك فاتن البطولة زوجها عمر الشريف.
وانطلق عمر، ولم تستطع فاتن أن تترك مصر لتلاحق زوجها فى رحلته إلى العالمية، فكان الطلاق هو الحل، وظل عمر حتى آخر أيامه، عندما يسأل عن أكثر امرأة أحبها يقول إن فاتن هى حبه الوحيد.
وفكر أحمد حلمى فى الجمع بينهما فى فيلم واحد، وقال لى إنه كان سيلعب دورًا صغيرًا بجوارهما، ولكن لم يمهل القدر فاتن وعمر، والغريب أن حلمى لم يصارح فاتن باسم المرشح للبطولة أمامها، وقلت له، من حسن حظك أنك احتفظت بالاسم، كان هذا سيصبح اللقاء الأخير بينك وفاتن، وتلك حكاية أخرى!!.