كلباء: «الخليج»
تواصلت، أمس الأول الأحد، أنشطة مهرجان المسرحيات القصيرة بمدينة كلباء. وشهدت الفترة الصباحية النسخة ال 8 من «ملتقى الشارقة للبحث المسرحي»، الذي يعنى باستعراض وتسليط الضوء على أحدث الرسائل العلمية التي أنجزها باحثون عرب في كليات الدراسات العليا المختصة في المسرح.
وأدارت الممثلة نادية سحنون (الجزائر)، الجلسة الأولى للملتقى التي تحدث في مستهلها مصمم السينوغرافيا محمود صبري (مصر)، مستعرضاً محاور رسالته التي نال عنها شهادة الدكتوراه من أكاديمية الفنون في القاهرة، وهي بعنوان «العلاقة بين الوسائط الرقمية ومفهوم المحاكاة في فضاء العرض المسرحي: المسرح الأوروبي نموذجاً 2000-2015».
ذكر صبري أنه أنجز البحث تفاعلاً مع الواقع الجديد الذي فرضه التطور التكنولوجي، مشيراً إلى أن رغبة مصمم السينوغرافيا في رؤية هذا التطور مجسداً فوق الخشبة، دعته إلى تطوير أفكاره واستلهام وتوظيف الوسائل الجديدة. وحول سعيه للبحث عن إجابات عن أسئلة مثل: إلى أي مدى يمكن أن تؤثر الوسائط الحديثة في خلق بيئة إيهامية تقترب من المحاكاة؟ وإلى أي مدى يمكن أن تضفي هذه المحاكاة الوسائطية صدقية على الحدث الدرامي؟
الوسائط الرقمية
وخلص الباحث إلى 6 نتائج في رحلته البحثية، منها أن تقنيات الإسقاط الضوئي المختلفة، وشاشات العرض؛ أعطى ثراء بصرياً وقيماً تشكيلية ساحرة للصورة المسرحية.
المضحك الشكسبيري
وفي الجلسة الثانية، قدم الممثل النعمان الهليلي (المغرب)، رسالته «المضحك الشكسبيري في فن الممثل المعاصر»، وجاءت في ثلاثة فصول، إضافة إلى النتائج والتوصيات.
وذكر الهليلي أن قراءته لنصوص شكسبير، إضافة إلى تجربته الشخصية في تجسيد بعضها على الخشبة؛ مكّنته من رؤية سمات مميزة لحضور «الممثل المضحك» في نصوص الكاتب البريطاني، وأشار إلى أننا نتعرف إلى الممثل المضحك في المسرح الشكسبيري فور ظهوره، فهو يلعب لعباً «مكشوفاً» ولا يجد المتلقي صعوبة في فهم الإشارات والألفاظ والحركات التي يؤديها هذا الممثل.
وأشار الهليلي إلى أن شكسبير يتعمد إيجاد، أو إقحام شخصية مضحكة في مسرحياته، للتخفيف من وطأة المآسي التي تميز نصوصه، وأنه درس في بحثه النبرة الهزلية لشخصية نيك بوتوم، في مسرحية «حلم ليلة صيف»، والعلاقة القائمة على الاستهزاء والمحبة بين شخصيتي بندكيت وباتريس في مسرحية «ضجة فارغة»، والصفاء الباهت والمزيف لشخصية بيرون في «عذاب الحب الضائع»، كما ناقش في هذا الإطار مفاهيم مرتبطة بالضحك، مثل الهزل، والسخرية، والهجاء، والكاريكاتير.
وفي الجلسة الثانية التي أدارها بدر الأستاد (الكويت)، عرضت داليا همام (مصر)، رسالتها التي حازت عنها شهادة الماجستير من المعهد العالي للنقد الفني في أكاديمية الفنون بالقاهرة، وهي بعنوان «غادة الكاميليا وكارمينا بورانا من النص إلى العرض»، وتشكلت مادة البحث من رواية «غادة الكاميليا» لإلكساندر دوماس (الابن) التي حولت إلى «ليبرتو» – نص موسيقي، بعنوان «أوبرا لاترافياتا»، وأعيد تقديمها في عروض فنية تمزج الموسيقى والرقص وعناصر العرض الأخرى. ومن الجهة الثانية أخذ البحث «كارمينا بورانا»، وهي مجموعة من الأشعار والترانيم القديمة حولها المؤلف الموسيقى كارل أورف سنة 1937 إلى «كانتاتا» (وهو نوع من الموسيقى الغربية).
أما المداخلة الثانية فقدمها جورج مطر (لبنان)، واستعرض من خلالها رسالته التي نال عبرها شهادة الدكتوراه من الجامعة اللبنانية، وهي بعنوان «مسار أداء الممثل بين تعدد النظريات ووحدة الجوهر». وقال الباحث إنه سلط الضوء في بحثه على طبيعة أداء الممثل، أو ماهية لعبة التمثيل، والآليات والعمليات المعرفية، أو السلوكية، أو النفس-جسدية؛ التي يلجأ إليها الممثل خلال وضعية الأداء، ليتمكن من تجسيد الكائن الفني المنشود، سواء أكان ذلك الكائن شخصية درامية متكاملة مثل هاملت، أم مجرد مزاج معين أم شعور معين.
وفي ختام الملتقى قدمت منسقة المهرجان، علياء الزعابي، شهادات المشاركة للمتداخلين في الملتقى.
عروض
وفي الفترة المسائية شهد الجمهور ثلاثة عروض قصيرة، أولها بعنوان «جريمة في جزيرة الماعز» لأجو بيتي، ومن إخراج ميثة الصخري، التي تشارك للمرة الأولى على مستوى مسابقة المهرجان، وشارك في التمثيل كل من: ميرة علي، ومحمد أنور، ورميثة يوسف.
وفي الندوة النقدية التي تحدثت فيها المخرجة اللبنانية لينا عسيران، تباينت الملاحظات حول النهج الإخراجي الذي اعتمدته الصخري، في مقاربة النص القائم على مواجهة بين المرأة والرجل في جزيرة منعزلة.
أما العرض الثاني فجاء بعنوان «انتحار»، مستلهم من نصوص فرجينيا وولف، وأخرجه طلال قمبر البلوشي، وشارك في تمثيله: فيصل موسى، وخولة عبدالسلام، وعبيد البلوشي، إضافة إلى (المجاميع): حمد علي، ومحمد علي، وخالد فهمي، وعبدالله الطويل. وحظي العرض بإشادات من أغلب المتداخلين في ندوته النقدية.
وامتدح مخرج العرض الثالث في ليلة المهرجان الرابعة، أحمد عبدالله راشد، الذي أعدّ وأخرج بعض المشاهد من مسرحية «أوديب ملكاً» لسوفكليس، تحت عنوان «أوديب حائراً».