الشارقة: علاء الدين محمود
تعتبر رواية «لعبة الكريات الزجاجية»، من أجمل وأصعب وأغرب الأعمال السردية التي كتبها الأديب السويسري من أصل ألماني، هرمان هيسه، «1877 1962»، وهي عبارة عن حكاية يوتوبية وتعد آخر أعمال المؤلف وأهمها حسب رأي أغلبية النقاد والمهتمين بالأدب، بدأ هيسه الرواية في عام 1931 ونُشرت في 1943 في سويسرا بعد أن رُفض نشرها في ألمانيا بسبب توجهات هيسه المعادية للفاشية، وبعد سنوات قليلة من صدورها في عام 1946، فاز هيسه بجائزة نوبل للآداب، وفي حفل تكريمه صرحت الأكاديمية السويدية أن هذه الرواية تحتل مكانة خاصة بين أعمال هيسه.
تدور أحداث الرواية في عام 2400 وتصور العالم البشري كما يجب أن يكون في نظر هسه في المستقبل، ولأن المؤلف مهتم بالفلسفة والفكر، فقد جاء العمل محتشداً بالرؤى المستلهمة من فلسفات عديدة، فأحداث الرواية تدور في مدينة خيالية اسمها كاستاليا، يترفع شخصيات مجتمعها النخبوية عن الاختلاط بالعالم الإنساني البسيط، ويتسلى هؤلاء بالمشاركة في مهرجان سنوي ينظم كاحتفال بلعبة الكريات الزجاجية.
الغريب في الرواية أن هيسه صنع خلالها شخصية خيالية، ليكتب سيرتها، فالعمل هو عبارة عن سيرة ذاتية لبطله الذي يحمل اسم «كنشت»، الذي ينسج أسطورته هيسه ببراعة شديدة؛ حيث إن تلك الشخصية المتخيلة تعيش في تلك المدينة العجيبة، وهو في الأصل طفل صغير وموسيقي عبقري، يتابع دراسته وحياته بعيداً عن أهله في كاستاليا تلك المدينة العجيبة ضمن الصفوة المنعزلة تماماً عن البشر والعالم الخارجي لتفني حياتها في سبيل العلم والمعرفة، فالنظام الهرمي للمدينة يلتقي في أعلى نقطة ومرتبة عند لعبة الكريات الزجاجية؛ التي لم يخبرنا هيسه عن تفاصيلها، إلا أن المتلقي باستطاعته أن يستنبط قوانين وقواعد اللعبة.
رغم أن الرواية موغلة في الخيال إلا أنها جاءت متأثرة بالواقع ومخاطبة له، فهيسه ألف ذلك العمل خلال الفترة النازية وحكم هتلر الشمولي الذي تأثر به العالم أجمع، فجاءت الرواية لتبحث عن أفق جديد للإنسانية.