مارلين سلوم
«تسليم أهالي» حالة استثنائية من ناحية، و«تحية الآباء للأبناء» من ناحية أخرى، ولا شك في أن لهذين السببين نصيباً في النجاح الذي حققه الفيلم منذ بدء عرضه في الصالات، ولكن هناك أسباباً إضافية جعلته فيلماً كوميدياً مبهجاً تحب مشاهدته رغم لمسة «الأكشن الفانتازيّة» المتمايلة بين المقبولة والضعيفة.
«تسليم أهالي» تحية من النجوم الكبار نبيل الحلفاوي والراحلين دلال عبد العزيز وسمير غانم لجيل جديد حمل في دمه جينات الموهبة الفنية وشق طريقه بنفسه، المخرج خالد الحلفاوي والمتعددة المواهب دنيا سمير غانم، والتحية مردودة من الجمهور الذي يدعم ويصفق دائماً للمواهب الحقيقية ولكل فنان أصيل.
وكأن القدر شاء أن يتم تصوير «تسليم أهالي» قبل إصابة الزوجين الرائعين سمير ودلال ب«كورونا»، ليكون إطلالة الوداع التي شاركا فيها ابنتهما دنيا الوقوف أمام الكاميرا وحيّا بها الجمهور قبل الرحيل. وإذا كان اسم دلال عبد العزيز وحضورها واضحين وبارزين في الفيلم فإن المفاجأة كانت بظهور الفنان الكبير سمير غانم بمشهد صغير جداً، يفتح فجأة الباب ويطل ليقول كلمات بسيطة، إنما حضوره هو الذي أثار تفاعل الجمهور وكأنه تأكيد لما هو معروف ومثبت بأن للنجم الراحل مكانته الدائمة في القلوب وفي الفن، وأنه كان فناناً مميزاً وسيبقى. الفيلم يبدأ بإهداء إلى روح أسطورة الكوميديا سمير غانم و«الفنانة والأم دلال عبد العزيز» كما هو مكتوب في تتر المقدمة، وهو ذكرى جميلة تليق بالنجمين وبروحيهما الكوميديتين الجميلتين التي اشتهرا بها في حياتهما الفنية والشخصية.
إشارة
اسم دنيا سمير غانم صار كفيلاً بجذب الجمهور إلى أي عمل تقدمه، وهي إشارة ليست بسيطة ولا عادية في السينما العربية التي مازالت «ذكورية» بامتياز، إذ إن الأعمال السينمائية وللأسف مازالت تعتمد على البطل النجم أولاً، وتأتي النجمات في المرتبة التالية مهما كانت محبوبة ومشهورة وصاحبة خبرة. ولم تخرج عن تلك القاعدة إلا ياسمين عبد العزيز التي استطاعت منذ سنوات أن تفرض نفسها نجمة أولى في أفلامها ويذهب الجمهور من أجل مشاهدتها أياً كان النجم الذي يشاركها العمل؛ وها هي دنيا سمير غانم تشق طريقها في نفس المسار على أمل أن تكمل فيه ولا تتراجع لتقف في ظل أي نجم وتتحول إلى «الوجه الحسن» المطلوب وجوده بجانب الرجل في أي فيلم. و«تسليم أهالي» الذي مازال يحقق نجاحاً في الصالات خير دليل على «ثقل» موهبة دنيا وتألقها وسط أسماء معروفة وضيوف شرف كثر، منهم الراحلان دلال عبد العزيز وسمير غانم. دنيا هذه المرة تقف أمام نجم كوميديا ومعروف أيضاً، هشام ماجد، لكن حضورها يطغى وموهبتها ترفعها لتضعها في مكانة البطلة الأولى القادرة على تحمل مسؤولية فيلم وحدها لا تحتاج إلى اسم نجم قوي كي تطل على جمهورها بعمل جديد، ولتفتح أمامها أبواباً جديدة نتمنى أن تختار منها ما يبرز كل ما تخزنه من مواهب وطاقات.
لا شك أن لوجود فيلم كوميدي في الموسم الصيفي جانباُ من نجاح «تسليم أهالي» وإقبال العائلات على مشاهدة عمل يبهج الجميع من مختلف الأعمار. أسماء كثيرة كفيلة بجذب الجمهور أيضاً، فبجانب دنيا ودلال، بيومي فؤاد الذي صار ذخيرة السينما العربية، حضور مميز ورفيق معظم الأعمال ومختلف الأجيال، بجانب ضيوف الشرف الذين يشكلون إضافة بلمسات متنوعة، نبيل الحلفاوي، سمير غانم، محمد ممدوح، عبدالله مشرف، لوسي، أحمد فتحي، محمد أوتاكا.
جرعات ضحك
المؤلف شريف نجيب كتب قصة كوميدية كادت تكون مكتملة لو سارت على الخط القوي الذي انطلقت منه، فبداية الفيلم مختلفة وتدخل الجمهور في قلب الكوميديا مباشرة مع جرعات ضحك متواصلة وأداء رائع من دلال عبد العزيز وبيومي فؤاد، أو بثينة وصدقي الموظفين «العاشقين» المستغلين لحاجة مواطن لإنهاء معاملة من مؤسسة واحدة، فيحولانه إلى مرسال غرام يتنقل بين مكتبيهما المتباعدين في مبنيين متقاربين صعوداً ونزولاً وذهاباً وإياباً. الدور ولو كان قصيراً لكن محمد طعيمة أداه بخفة ظل محببة؛ ثم ننتقل إلى دنيا سمير غانم التي تبدأ عندها الكوميديا من المظهر والشكل الذي أطلت به بجانب قدرتها على التعبير عن أي شخصية تؤديها بالملامح وتعبير الوجه والصوت. هي زاهية أبو الزواحف الباحثة عن وظيفة تجلب لها العريس في نفس الوقت، جلسة حوارها مع الرائع نبيل الحلفاوي عابرة ومعبرة تنتهي بسوء فهم حيث تتلقى زاهية اتصالاً من والدتها بثينة تخبرها فيه بقدوم الدكتور خليل (هشام ماجد) والذي كان صديق الطفولة، ووالده صدقي ووالد والده (عبدالله مشرف) لطلب يدها للزواج، ويستمر سوء التفاهم ويجسده بمشهد جميل جداً المخرج خالد الحلفاوي حين تقف الفتاة مقابل والدتها وكل منهما استعدت بكل فرح لاستقبال العريس ولا تكتشف زاهية حقيقة أن العريس هو الأب والعروس هي أمها إلا لاحقاً.
«إفيهات» ظريفة كثيرة يحفظها الجمهور، الكوميديا سلسة، دنيا سمير غانم تتألق وتتميز وسط كوكبة من النجوم، الكاتب يذكر مجموعة أسماء فنانين مثل الراحلة الكبيرة شادية وسيدة المسرح العربي وياسمين صبري.. المخرج خالد الحلفاوي له تجارب ناجحة في التلفزيون والسينما مثل فيلم «نادي الرجال السري» لكريم عبد العزيز وبيومي فؤاد، و«تسليم أهالي» إضافة جيدة أصابها بعض الخلل في نقاط معينة.
متاهات
شخصية الدكتور خليل مناسبة لهشام ماجد، مزيج من الجدية والسذاجة، طبيب يخاف من رؤية الدم، يغلق جرح جده بعلكة، تتمسك به زاهية وهو ينفر منها ويضطر إلى مجاراتها بسبب زواج والده من أمها، ثم تتطور الأحداث لندخل فجأة في إطار «الأكشن» الخفيف الذي يهبط أحياناً ويدخل في متاهات لا تضيف للعمل، كما تتفرع القصة لنصل إلى عصابة من أبرز عناصرها الوالدان بثينة وصدقي وتهريب ألماس وتجارة مخدرات وحرب تدور بشكل كوميدي. لوسي ضيفة شرف بدور كبائر لا إضافة تقدمها كما نشعر بحشو وتنقلات لا لزوم لها، أضعفت القصة نفسها، كما أثرت سلباً في أداء الممثلين والإخراج.
[email protected]