ساسي جبيل (تونس)
ضمن أنشطة الهيئة العربية للمسرح وفي إطار حرصها على برمجة أنشطتها بمختلف أقطار الوطن العربي، تم عرض مسرحية «الهروب من التوبة» في مدينة بنغازي الليبية بمناسبة الورشة التي نظمتها الهيئة لكتابة السيناريو والتي اختتمت أعمالها السبت الماضي.
المسرحية التي كتبها العراقي فلاح شاكر، ومن إخراج التونسي عبدالواحد المبروك، وإنتاج مركز الفنون الدرامية بتوزر التونسية، وهي من أداء عبدالواحد المبروك وحليمة عيساوي وبلقيس جوادي، وهي عبارة عن ثلاث شخصيات تعاني قلقاً نفسياً ووجودياً تحت وطأة الشعور بالذنب الأزلي، الذي يدفع الضحايا إلى أن يصبحوا قساة أُتيحت لهم الفرصة ليعيشوا دوامة وجع الضمير والبحث عن الخلاص. لكن هل من الممكن الخلاص دون خسارات موجعة؟
مغامرة فنية
وأكد المخرج عبدالواحد مبروك لـ«الاتحاد» أن هذا العمل يمثل مغامرة فنية إلى حدها الأقصى، فنحن لا نروي قصة فقط بقدر ما نقترح صورة بلاغية، حيث تعتمد مسرحية «الهروب من التوبة» على جمالية تمزج بين الصوت والصمت والصورة والمونتاج، ويتطور التعبير والفضاء بطريقة متشظية، ويتدفق النص المتشظي أصلاً عبر الصوت والصمت، وما يقدم من خلال شاشة خلفية يتحاور مع ما يحدث على خشبة المسرح، فيكشف أفعالاً وأحداثاً ويصمت حيناً، يضيف إلى المعاني أفعالاً أحياناً أخرى، فالكلمات والحوارات في مسرحية «الهروب من التوبة» لا تفصح عن الحقيقة، بل تحاول إخفاءها، فالكلمة هنا هي سلاح للدفاع والهجوم من أجل إخفاء الحقيقة وهي وسيلة جديدة للمراوغة والهروب.
ويضيف مبروك: كان عملنا مع الممثل يستند على القوة التعبيرية في الأداء بوعي تجريبي، ويبتعد عن الاشتغال على سيكولوجية الشخصية، فتنفتح على ما هو إنساني كوني، فهو اشتغال على ما يهم الإنسان الآن.
وتنطلق الرؤية السينوغرافية لهذا العمل من القوّة الإيحائية للفضاء، وتعتمد بالأساس على فضاء فارغ، فضاء واحد ولكنّه متعدّد، بسيط ولكنّه متحرّك ويسمح بتوظيف طاقات المؤدي، هو منزل عبارة عن خلوة مظلمة وشارع طويل وممتد بين العتمة والظلام والظلال، أرضية رمادية شاسعة لا يحددها إلاّ المفردات الرئيسية للهوية البصرية للعرض، والتي تضع المؤدي في تحدٍّ مع خصوصيات الفراغ. داخل هذا الفضاء يحضر الصوت والضوء الموسيقى كلغة دراماتورجية الهدف منها تعميق المشهد وصقل الدلالة، والملابس تنساب في الألوان وتتدرج من الأسود إلى الأبيض مروراً بالألوان الرمادية أو العكس كما هو الشأن في الإضاءة، التي تعتمد بالأساس المتدرج والمنطلق من الألوان الأولية الأحمر، الأخضر، الأزرق.