دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — بفستانها الأزرق ذي اللون الفيروزي، تجلس امرأة شعرها قصير مجعد في أقصى اليسار، يحوط بها مجموعة من الرجال يرتدون بدلات ألوانها هادئة، ويتحلقون حول طاولة مركزية عريضة.. جميعهم متشابهون بشكل ملفت، كما لو كانوا نسخًا مكرّرة!
تعتبر هذه الصورة التي التقطت في مدينة نيويورك عام 1975، التي تبرز كاثرين غراهام، الناشرة السابقة في جريدة “واشنطن بوست” والمديرة التنفيذية، متماثلة مع المجموعة، ومتماهية مع الصور اللاحقة التي تتبع صيغة بصرية مماثلة: امرأة وحيدة بين مجموعة من الرجال.
ويعد مشروع “المرأة الوحيدة” بمثابة تتويج لبحث امتدّ لسنوات عملت عليه إيمي هيومز، مخرجة الأفلام الوثائقية والمؤلفة، بعد إجراء مقارنة مرئية بين صورتين.
وكانت الصورة الأولى التقطت عام 1962 لصانعة الأفلام الأمريكية شيرلي كلارك، التي غالبًا ما أشير إليها (بشكل غير صحيح) على أنها المخرجة الوحيدة في عصرها، يتحلق حولها عدد من الذكور المبدعين.
أما الثانية فكانت عبارة عن صورة جماعية، تعود للعام 1951، تظهر 15 فنانًا تعبيريًا تجريديًا شهيرًا، بينهم جاكسون بولوك ومارك روثكو، مع امرأة واحدة، الفنانة هيدا ستيرن، في الخلف، تقف على طاولة.
وأوضحت هيومز، خلال مكالمة هاتفية، أنها أصبحت “مهووسة” بصورة كلارك، “كيف كان الوضع بالنسبة لها؟ وما الفارق الذي أحدثته في حياتها لأنها كانت “المرأة الوحيدة”؟”
ولم تستطع هيومز تجاهل هذا النمط، إذ وجدت صورًا لـ “الكوكبة ذاتها” في كل مكان، على حد قولها.
وجمعت صورًا لعالمات وكاتبات في مجال الكوميديا، والرياضيات، والسياسيات، وسواها، تعود لمنتصف القرن التاسع عشر، أي لدى انتشار التصوير الفوتوغرافي، وحتى اليوم.
وأثارت صورة غراهام فضولها بسبب تاريخ الصورة.
وقد ورثت الناشرة الكبيرة صحيفة “واشنطن بوست” بعد وفاة والدها وزوجها.
ولم تعتقد غراهام أبدًا أن الدور سيقع عليها، وفقًا لكتاب هيومز، لكنها قادت الصحيفة خلال حقبة من التقارير المهمة، ونشرت أوراق البنتاغون والتحقيقات الجارية مع إدارة الرئيس الأمريكي وقتها، نيكسون، والتي من شأنها أن تؤدي إلى استقالته.
وأصبحت غراهام أول ناشرة في الصحيفة، ثم أصبحت لاحقًا مديرة تنفيذية.
كانت أيضًا أول امرأة تُنتخب لعضوية مجلس إدارة وكالة الأنباء الأمريكية “أسوشيتد برس”، المجموعة التي جلست معها في تلك الصورة.
وأضافت هيومز: “من الواضح أنه تمّ تكريمها من خلال وضعها في مقدمة الصورة. وفي هذه الحالة . تتمتع المرأة بمكانة مرموقة بسبب طبيعتها الاستثنائية كونها المرأة الوحيدة”.
هذا الأمر لا يسري على جميع الصور، ووجدت هيومز نفسها تقوم بتصنيفها أثناء عملها على المشروع. وقالت “كانت هناك طرق مختلفة كي تصبح” المرأة الوحيدة”. وأوضحت: “إما أنك ملكة، أو أنك كنت الرائدة العظيمة”. وأضافت أنه في بعض الحالات، تمكنت النساء من الوصول إلى المساحات الخاصة بالرجال فقط بسبب وظائفهن كخادمات، أو سكرتيرات، أو بائعات هوى.
ولاحظت هيومز أنّه مع تطور المجتمع بعيدًا عن طابع العمل الجندري الصارم، أصبحت هذه الصور أكثر لفتًا للنظر. وهذا يجعل غرابة كل صورة صارخة أكثر. ولفتت إلى أنّ الأمر “بدأ يبدو عبثيًا بالنسبة لنا، ثم بدأ يبدو هزليًا. وكلما ابتعدنا عنها، تمكنا من رؤيتها على نحو مختلف”.