شيرين عبد الوهاب تعود إلى التمثيل بفيلم كوميدي – Mada Post
تحقيق: أحمد النجار
اعتبر مخرجو أفلام محليون أن صناعة السينما تمثل «قوة ناعمة» تباهي بها المجتمعات لفرض سطوتها الثقافية وتصدير قيمها وتجاربها الإنسانية وإشعاعاتها الحضارية إلى العالم، مشيرين إلى أن هذا القطاع لا يزال «ضعيفاً» و«مظلوماً» من قبل شركات إنتاجية ممولة أو مؤسسات حكومية تدير دفة هذه الصناعة، نحو آفاق التطور والانتعاش لتعزيز حضورها في خريطة التنافس عالمياً. وأكدوا أن الإمارات تمتلك مقومات فنية هائلة أهّلتها لأن تصبح وجهة جاذبة لصانعي الأفلام والمنتجين والمخرجين العالميين، مطالبين بضرورة استثمار تلك الموارد وتسخيرها لتسريع بوادر الانفراج في خطوط الإنتاجات السينمائية في السنوات القادمة.
هكذا يتغير جسم الإنسان بعد 20 دقيقة من السيجارة الأخيرة
ناقشت «الخليج» مع مخرجين ومنتجين من صناع السينما الإماراتيين، الأسباب الجوهرية التي تحول دون انتعاش حركة السينما المحلية والمسؤول عن تطوير هذه الصناعة، ومشكلات ضعف الحضور والتطور وقصور الإنتاج، وعدم وجود أعمال سينمائية قوية تنافس جماهيرياً في شباك التذاكر عربياً وخليجياً. وقال سعيد الجناحي، المدير التنفيذي للعمليات في لجنة دبي للإنتاج التلفزيوني والسينمائي، أن أسباباً كثيرة أهمها الخصوصية السكانية للمجتمع الإماراتي، حيث يقدر عدد الجمهور المستهدف بمليون شخص، قد يكون بينهم 250 ألفاً فقط من يذهبون إلى السينما، ما يشكل تحدياً لصانعي الأفلام المحليين عند صناعة أفلامهم، كونهم يهدفون إلى تحقيق إيرادات تسد الكلفة الإنتاجية.
باحث لبناني يبتكر كاميرا لاسلكية تعمل تحت الماء دون بطارية
وأضاف الجناحي: «ألوم المنتج الإماراتي بالدرجة الأولى، كونه المسؤول عن تطوير وانتعاش السينما المحلية، ولا ينبغي له التذرع بعدم وجود الدعم، فليست أي جهة حكومية مجبرة على تقديم إنتاج سينمائي، وعلى المنتجين الاستفادة من تجارب نظرائهم من «هوليوود» و«بوليوود» ومصر وغيرها». ولفت إلى أن غالبية الموجودين في الساحة شباب جدد، أو«منتج منفذ» يأخذ المشروع من قناة أو جهة، ويتولى إنتاجه، ولا يهتم إذا نجح العمل أو فشل، خصوصاً بعد أن يكون ضمن كلفته الإنتاجية وأجرته الشخصية مسبقاً، لذلك فإننا ما زلنا نعاني عدم وجود منتجين مسؤولين ينتجون أعمالاً تنافسية، يبادرون بتسويقها في منصات عديدة إلى جانب دور السينما مثل «نتفليكس» وخدمة «ستارز بلاي»، و«اتش بي» أو«هوم بوكس أوفيس»، أو «فيس بوك» الذي يوفر خدمة لعرض الأفلام، وغيرها من قنوات العرض الحالية أو التي سنشهدها وغيرها.
وأوضح الجناحي أن «لا علاقة لمؤسسات الدولة بإنتاج السينما، لكن عليها فقط توفير الخدمات والتسهيلات اللوجستية، ويجب على المنتجين أن يمسكوا زمام المخاطرة في تجارب النجاح والفشل والاستفادة من المنتجين العالميين الذين سبقوهم في المجال».وأشار إلى أن 90% من أفلام السنوات الثلاثة الأخيرة، تجارب شبابية، بإمكانات مادية ذاتية، بينها 30% تجارب فشلت، وتكبد أصحابها خسائر إنتاجية كبيرة.
وتابع: «يجب أن ينظر للإنتاج المحلي نظرة مختلفة من حيث تقليل الرسوم الخاصة التوزيع والإعلانات والتصوير وتقديم تسهيلات من قبل الجهات الحكومية لتشجيع المخرجين والمنتجين بخوض تجارب ناجحة، كما طالب المخرجين عدم الاعتماد على المؤثرين في السوشيال ميديا ليقدموا بطولات مطلقة في أعمالهم بحجة الترويج والانتشار، وعليهم النظر إلى جودة الأداء التمثيلي وعدم الخلط بين السوشيال ميديا والسينما لكسب قاعدة الجمهور».
وقال المخرج السينمائي هاني الشيباني، إن صناع الأفلام المحليين مطالبون بالمنافسة مع متسابقين عالميين من دول مختلفة، يمتلكون خبرات عريقة وصناعات راسخة في مضمار الفن السابع، مقابل مخرجين حديثي العهد على الساحة بإمكانات محدودة في سوق جمهور محدود جداً في الإمارات، مشيراً إلى أن كلفة المنتج السينمائي يجب أن تتواءم مع هذا السوق فإذا تخطت هذه التكلفة سيكون المنتج خاسراً حتى لو نجح.
وذكر الشيباني أن هناك أعمالاً صرفت عليها مبالغ تتعدى 100 مليون درهم نتفق على جودتها، لكن هذه المبالغ كانت تكفي لإنتاج صناعة سينمائية تكفي ل10 سنوات بمعدل 10 أفلام في العام الواحد، متمنياً إعادة توجيه رؤوس الأموال في تطوير وإنعاش هذه الصناعة المهمة فمن شأنها فتح خريطة فرص اقتصادية وتساهم في اجتذبت الشباب والجامعيين الذين يبحثون عن وظائف، حيث ستوفر كثيراً من المهن لتعدد قطاعاتها.
وأشار الشيباني إلى تعامل شركات توفير المعدات المحلية مع صانع الأفلام الإماراتي بأسعار الأفلام العالمية، ما يضطر صانع السينما لتكبد ميزانيات كبيرة أكثر من اللازم، ويحاول توفير من جوانب أخرى مثلاً، أجور الممثلين هم الحلقة الأضعف في العملية السينمائية مقارنة مع نظرائهم في العالم.
وحسب الشيباني، فإن تجربة فيلم «شبح» الذي طرح مؤخراً في دور السينما المحلية، وحقق نجاحاً جماهيرياً باهراً، حيث وصفه بأنه عمل سينمائي عظيم، تم إنتاجه بجودة فنية عالية، فقد بذل مخرجه عامر سالمين، جهداً كبيراً وواضحاً، مع ذلك هناك البعض من ينتقص هذا الجهد الإبداعي المتقن من خلال إسقاطه في مقارنة مع أعمال سينمائية عالمية، وهذا ما يحبط معنويات بعض المخرجين الشباب.
وأكد الشيباني أن حركة السينما الإماراتية على الرغم الظروف والتحديات، إلا أن «الانتعاشة قادمة»، فيما يرى أن الحل يكمن في تدخل مؤسسات الدولة في دعم السينما المحلية بصفتها قوة ناعمة للمجتمع، وضرورة السعي في توظيف صناعها بشكل أمثل للاستفادة من جهودهم وقدراتهم وإمكاناتهم والتعاطي مع ما يقدمونه من محتوى سينمائي على أنه إشعاع ثقافي وحضاري ينبغي تطويره ودعمه ومنح صنّاعه الفرصة لنقل قيم مجتمعنا وتجاربنا الحضارية والريادية إلى العالم.
غياب التخصص
قال المخرج والمنتج عامر الكامل، إن جذر المشكلة تكمن برأيه في عدم توفر كتّاب حقيقيين لخلق قصص جديدة ترتقي إلى مستوى تنافسي حقيقي، وأصبح التكرار علامة ملازمة للأعمال السينمائية، ما ترتب عليه خوف المنتجين من الإنفاق وتكبد الخسائر، معتبراً أن المشكلة المؤثرة بشكل مباشر وواضح هي عدم «التخصص» في الأعمال السينمائية على سبيل المثال لا الحصر «الممثل في يوم وليلة أصبح مخرجاً»، وهذا له انعكاس واضح على نتيجة العمل النهائية، أما السبب الأخير في رأي الكامل، فهو تقصير من المنتج في اختيار العمل وشحّ الإنفاق في هذا المجال، مفيداً بأن الحل يجب أن يكون تعاوناً بين المنتجين لدعم أكبر وإخراج عمل أو عملين مهمين في السنة، بدلاً من مجموعة أعمال بلا جدوى، وتكون هنالك مرجعية لإنتاج الأفلام ذات رؤية واضحة ورسالة جدية تعمل على التطوير والابتكار. كما أوصى الكامل بتكثيف إقامة ورش فنية تساعد في تطوير الكتابة وتنوع الأعمال وتدريب الممثلين والتعاون المحلي والدولي وتبادل الخبرات.
صالات خاصة
رأى بيادر البصري، مخرج عراقي، أن الدفع باتجاه إيجاد صناعة سينما حقيقية يجب أن يرافقه تقديم الدعم المادي والمعنوي واحتضان المخرجين الشباب الجدد وتمويل نتاجاتهم وإشراكهم في دورات تدريبية مختصة لأحدث التطورات تمنحهم أملاً وعزيمة في اللحاق بالسينما العالمية، مع تشكيل لجنة خاصة تكون مسؤولة على اختيار النصوص وإجازتها مع مراعاة اختيار النصوص ذات التأثير الكبير التي تبقى عالقة في ذهن المشاهد بعد الانتهاء من عرض الفيلم وعمل دعاية وإعلانات إلى الفيلم بطريقة تحفز المتلقّي بالذهاب إلى السينما لمشاهدة هذا الفيلم وإنشاء صالات عرض خاصة للفيلم الإماراتي بأسعار رمزية يكون الهدف منها جذب المشاهدين لمشاهدة الأفلام السينمائية الإماراتية.