التخطي إلى المحتوى

القاهرة: «الخليج»
أصدر المركز القومي للترجمة بالقاهرة، كتاب «جغرافيا السياسة في روسيا» للمفكر الروسي ألكسندر دوجين ترجمة عاطف معتمد، وسعد خلف، ووائل فهيم.
ودوجين محلل سياسي وفيلسوف روسي، صاحب النظرية الأوراسية، وهو يؤمن بوجوب اتحاد وتحالف الشرق بقيادة روسيا والصين، وفلسفته لا يمكن أن تغيب عن الحياة السياسية الروسية اليوم، باعتبارها حلقة أساسية في التاريخ الروسي، وقد أصدر أكثر من 60 كتاباً في التاريخ والاجتماع والفلسفة، وهو واحد من أكثر الفلاسفة الروس المعاصرين شعبية.
يقول الدكتور عاطف معتمد (أحد مترجمي الكتاب)، إن أطروحة الأوراسية التي تتناقلها وسائل الإعلام حول العالم، باعتبار أن دوجين هو منظرها الأول، قال بها قبله علماء روس، وكانوا يقصدون نفس الفكرة التي تسمح لروسيا بأن تكون دولة عظمى، على حساب الجيران في أوروبا وآسيا، ومنها جاء مصطلح «أورو ـ آسيا».
ويبحث الكتاب في قضايا الجغرافيا السياسية عموماً، ويتناول أهم المراحل في تطور علم الجغرافيا السياسية، ويتطرق إلى النظريات والتيارات الرئيسية في هذا العلم، ويبحث السمات الأساسية للمرحلة الحالية من التاريخ المعاصر: حقبة العولمة أحادية القطب، ومحاولة الولايات المتحدة الأمريكية تعزيز هيمنتها على العالم، ويشرح أيضاً سعي روسيا والصين ودول أخرى، إلى إقامة تحالف «أوراسي»، بوصفه مشروعاً بديلاً أو موازياً للعولمة الأمريكية.

ويضم الكتاب الأفكار التي اقترحها دوجين، وأول ما يركز عليه، درس الواقع، والخروج منه، ومنها جعل الجغرافيا السياسية المقاربة الوحيدة، والأكثر فاعلية، للنظر بعمق إلى خصوصيات المشهد الطبيعي، مقابل المقاربة التاريخية المستندة إلى أفعال قامت بها شخصيات مرموقة، مثل المعارك والحروب والمعاهدات.
ويشير دوجين إلى أن تاريخ البشرية شهد ثلاثة نماذج من الأنظمة المجتمعية وهي: المجتمع التقليدي ما قبل الحداثي، والمجتمع الحديث، ثم مجتمع ما بعد الحداثة في الغرب الذي تجتمع فيه نماذج المجتمعات الثلاثة، وهذا ما يمكن معاينته في ضواحي المدن الغربية، من إقامة جماعات مهاجرة من المغرب العربي، إلى جانب مهاجرين من أمريكا اللاتينية وأوروبا الوسطى.
ويتخذ دوجين مفهوم الجغرافيا السياسية نوعاً من المسلمة العلمية التي توجب على المحللين والمفكرين والاقتصاديين، أن تكون منطلقاً للقفز فوق التاريخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتجاوز الاعتبارات الفكرية والإنسانية التي خلصت إليها البشرية بعد الثورة الفكرية التي حدثت في الغرب، منذ أواخر القرن الثامن عشر حتى نهاية التاسع عشر.
وفي دفاعه عن مفهوم «الأوراسية» يمضي دوجين إلى اعتبارها شبكة بديلة، سياسياً وثقافياً واقتصادياً، يفضل أن يأخذ بها الاتحاد الروسي أو الإمبراطورية الروسية، وعلى أساسها تُبنى المؤسسات الثقافية والإعلامية الكفيلة باندماج بلدان الاتحاد وشعوبها، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.
العسكريون الروس هم أول من انتبه إلى نظريات دوجين فقد كانوا مندهشين من تهديد الغرب لروسيا، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. وعلى الرغم من التنازلات الروسية على الصعيد العسكري والثقافي والسياسي، وحتى الاقتصادي، فإن زحف «الناتو» على روسيا وتهديدها، والاعتداء على مجالها الحيوي لم يتوقف.
ولد دوجين عام 1962 لعائلة سوفييتية (كان والده ضابطاً في المخابرات العسكرية)، وقد برز على الصعيد الوطني في التسعينات، ونشر في عام 1991 كتابه «حرب القارات العظمى»، ويتضمن رؤيته لروسيا باعتبارها «روما الأبدية» في مواجهة الغرب.
ذاع صيته مع كتابه «أسس الجغرافيا السياسية: المستقبل الجيوسياسي لروسيا» الذي حظي بشعبية كبيرة، ويشكل كتابه الأخير «الجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة» مختصراً شاملاً لرؤية الدولة الروسية، لما يسمى «عصر الإمبراطوريات الجديدة»، ويرسم الخطوط العامة للجغرافيا السياسية في القرن الحادي والعشرين، من وجهة نظر روسيا.

Scan the code