«سيانتفيك أمريكان»
يتسم جلد الإنسان بليونته وقابليته للتمدد، واحتوائه على ملايين النهايات العصبية المسؤولة عن الإحساس بالحرارة واللمس، ما يجعله أداة رائعة لاستكشاف العالم الخارجي والتفاعُل معه.
وعلى مدار الأربعين عاماً الماضية، عكف المهندسون على إنتاج نسخة صناعية منه تتمتع بهذه القدرات، لكن محاولاتهم كانت دائماً ما تعجز عن التوصل إلى نسخة مضاهية لجلد الإنسان في قدرته على أداء وظائف عدة، وفي قدرته على التكيُّف.
هذه الإخفاقات لم تحُل دون ظهور أبحاث جديدة تُثري ما سبقها من جهود بحثية بمزيد من الإمكانات، وتُضفي عليها المزيد من التعقيد، ما يقترب بهذا المجال من الوصول إلى غايته المتمثلة في تصنيع جلد إلكتروني، له استخدامات متعددة، بداية من كسوة الروبوتات به، وانتهاء بتوظيفه في صناعة أجهزة قابلة للارتداء على جلد الإنسان، وثمة آمال في أن تُمكِّن هذه الأجهزة الإنسان في يومٍ ما من التحكم في الروبوتات عن بُعد، والشعور بما ترصده هذه الروبوتات من إشارات.
وصُممت أول نسخة من هذه الأجهزة في منتصف الثمانينات، واستخدم العلماء في واحدة من تلك المصفوفات رُقاقة الكابتون، وهي عبارة عن غشاء مرن، ولكنه غير قابل للتمدد، كان قد اختُرِعَ في الستينات لتستقر على سطحه مجموعة من أجهزة الاستشعار والمجسّات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء.
هذه الإمكانات كانت بدائية جدّاً مقارنة بإمكانات الجلد البيولوجي، ومع ذلك، شهد العقد الأول من القرن الحالي تطوراً في جودة المواد والإلكترونات المتاحة التي أصبحت أكثر ليونة ومرونة، بل صارت قابلة للتمدد أيضاً، وهذا هو الأهم، إذ أتاحت للباحثين الجمع بين أجهزة استشعار وإلكترونيات جديدة لخلق نظام جلدي متكامل، يحتوي على طبقة تشبه الجلد الحقيقي من حيث المرونة والقابلية للتمدد، فضلاً عن كونها مزودة بمصدر للطاقة، وأجهزة استشعار مختلفة الأنواع، ومساراتٍ لإرسال المعلومات من هذه الأجهزة إلى مُعالِج مركزي.
وكانت أجهزة الاستشعار التي تعمل باللمس والحرارة أول الأجزاء التي جرى تصنيعها من أجل توظيفها في ابتكار هذا النوع من الأنظمة الجلدية، وقرر، وي جاو، مهندس الطب الحيوي في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، محاولة دمج هذه الأجهزة مع أخرى تستطيع الكشف عن المواد الكيميائية.
وتمكن فريق جاو البحثي من تصنيع جلود يمكنها التعرّف إلى المتفجرات وغازات الأعصاب، التي تُستخدم في الحروب الكيميائية، وكذلك الفيروسات مثل «سارس-كوف-2»، وعلاوة على ذلك، أضاف الباحثون إلى هذه الجلود أجهزة لاستشعار الضغط والحرارة طُوّرَت من قبل، ويشبه الجلد الإلكتروني الناتج في شكله ضمادة لاصقة شفافة تعلو سطحها أشكال معدنية.
وفي ما يتعلق بالاستخدامات التجارية للجلد الإلكتروني، فإن تفعيل مثل هذه الاستخدامات يُعد مرهوناً بحل بعض المشكلات التي ينطوي عليها هذا الجلد في صورته الأولية القائمة، ويشير جاو إلى مسألة المتانة بوصفها واحدة من هذه المشكلات المهمة، ويقول إن هناك الكثير من التطورات، وقد أصبح العلماء قريبين جدّاً من مرادهم، لكن ثمة تحديات تعترض طريق صناعة الجلد الإلكتروني.