التخطي إلى المحتوى



هل يصبح العالم في مأمن من الجوائح؟!

في الوقت الذي يتعرض فيه العالم للأزمات الصحية الطارئة، جائحة تلو الآخرى وفيروس مستجد وآخر متحور، وأوبئة تظهر آخرى تخبو.. وهكذا هو الحال على كوكبنا الذي كنا نعتقد اتساعه، ولكن جائحة كوفيد الأخيرة أثبتت عكس ذلك، حين انتقل فيروس أصاب شخص واحد في الصين ليجتاح العالم بأكمله، ويبدل عجلة الحياة إلى حالة توقف وشلل تام، هنا يتبادر السؤال المهم: هل يمكن أن يكون الحل متاحاً في المستقبل القريب لوقف أي جائحة ووأد انتشارها؟ وهل تعلمت الأوساط الطبية ما يكفي للمبادرة في مواجهة المستجدات الصحية الطارئة؟

من المهم أن نعرف أن الجوائح الصحية يعتمد توسعها وسرعة انتشارها على قوة وضعف المنظومات الصحية في جميع أقطاب العالم وليس فقط حماية قُطر وعزله، فحين تتصدى دولة ما لأي فيروس مستجد فإنها بالضرورة لن تستطيع صده عن كامل محيطها ولو استطاعت فلن يتم ذلك في الدائرة الأبعد التي حتماً لن تمنع الانتشار، فالأمر متعلق إذن بمنظومة عالمية وليست جهود فردية تحتوي الأزمة ثم لا تلبث أن تتهاوى منظومتها الصحية مقابل إنعاش منظومات آخرى فيها كالاقتصاد والنقل والتبادل التجاري.. إلخ.
وفي مقال مشترك للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا ومستشار ألمانيا أولاف شولتس والرئيس الرواندي بول كاغامي ومدير منظمة الصحة العالمية د. تيدروس أدهانوم تمت ترجمته ونشره في مواقع وصحف عربية اتفقت كل الأطراف فيه على توسيع نطاق الإنتاج المحلي والإقليمي للقاحات وسائر المنتجات الصحية الأساسية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، كما اتفقت على أن تطوير النظم الإيكولوجية المحلية لإنتاج اللقاحات أمر قطعي يجب العمل عليه، وأن كثيراً من دول العالم اليوم تواجه تحديات في تعزيز قدرات الأنظمة الصحية في مناطق شتى لإعطاء الجرعات وزيادة الإقبال عليها، والتصدي للمعلومات والأخبار المضلِّلة التي أدت إلى التراجع عن أخذ اللقاحات، بالإضافة إلى تعزيز خطوط إمدادات اللقاحات والأدوية، وكل ما يجعل هذه الإمدادات أكثر موثوقية وأكثر إنصافاً في حالة حدوث أزمة قادمة.
وفي مختصر بسيط لحالة الاستجابة لجائحة «كوفيد – 19» مثلاً، فقد تم إعطاء 11.9 مليار جرعة من اللقاحات في جميع أنحاء العالم، وهو ما ساعد كثيراً من البلدان على عكس مسار الجائحة واحتواء انتشارها. ولكن في المقابل، فإنه لم يتلق أكثر من 80 في المائة من سكان أفريقيا جرعة واحدة! وإذا كانت هذه الفجوة لاتزال قائمة لن يتمكن العالم التحصين من متحورات الفيروس الجديدة، وإنهاء المرحلة الحادة من هذه الجائحة في عدد كبير من الدول النامية وسوف تبقى حالة الفيروس تدور في حلقة الإهمال، وذلك بالرغم من وجود مركز نقل التكنولوجيا، الذي تم الإعلان عنه في 21 يونيو 2021 أي خلال جائحة كوفيد- 19، والذي يهدف إلى بناء منظومات صحية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لإنتاج اللقاحات والمستحضرات البيولوجية، التي تدخل في تصنيع اللقاحات وإنتاج منتجات أخرى مثل الأنسولين لعلاج مرض السكري، وأدوية السرطان والملاريا والسل والإيدز، وبغية تحقيق التغطية الصحية العالمية الشاملة. فالأهم من ذلك كله العمل على الثقيف الصحي بمخاطر الأوبئة ومتحوراتها، والإلزام باللقاحات مهما تصادم هذا التثقيف بالشائعات والتضليل الشعبي، ذلك حماية للعالم أجمع.

 

Scan the code