لمياء الهرمودي (الشارقة)
رغم أن التخطيط للتقاعد الوظيفي يعتبر خطوة رئيسة ومهمة في حياة كل موظف على رأس عمله حالياً، تؤدي للاستقرار النفسي والمادي والمعنوي، إلا أنه يعتبر ثقافة غائبة عن كثيرين. إذ أن أكثر ما يشغل الموظف قبل العمل هو الحصول على الوظيفة، والتخطيط الجيد من خلال مساره الأكاديمي للحصول على العمل المناسب، بينما يطمح دائما أثناء تواجده على رأس عمله إلى تطوير ذاته ليصل إلى أعلى المناصب، وينسى التخطيط لما قد يفعله بعد التقاعد.
الاستعداد لمرحلة التقاعد
وقال الدكتور طارق سلطان بن خادم عضو المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة، رئيس دائرة الموارد البشرية لـ«الاتحاد»: ندرك أهمية تأهيل الموظفين لمرحلة ما بعد الوظيفة، ونسعى بكل الوسائل لترسيخ ثقافة إيجابية تجاه هذه المرحلة. وتثقيف الموظفين حول أهمية التخطيط والاستعداد لها. وتأتي هذه الجهود ضمن تبني المبادرات التي تتماشى مع جهود الدولة في تعزيز التمكين الاجتماعي وتوفير خدمات مجتمعية عالية الجودة.
وأضاف: تنفذ الدائرة العديد من البرامج التي تخدم الاستعداد لمرحلة التقاعد، حيث تحدد احتياجات الموظفين ثم تصيغ وتنفذ البرامج التدريبية الملائمة لتهيئتهم للمرحلة، وتستعين بالخبرات التخصصية في هذا المجال سعياً لتمكين المتقاعد من تحقيق الاستثمار الأمثل لخبراته، والتخطيط الفاعل لهذه المرحلة حتى تتحول إلى نقلة إيجابية تعزز مشاركته في جميع أدوار الحياة.
وبين ابن خادم بأن التدريب المقدم في هذا الشأن يركز على كافة الشؤون الشخصية والمهنية والاجتماعية المتعلقة بمرحلة التقاعد، ووسائل استمرارية العمل وممارسة الأنشطة البدنية والذهنية، والتخطيط المالي المستقبلي، بالإضافة إلى طرح استراتيجيات تحديد وصياغة أهداف حياتية مؤثرة، وابتكار مشاريع شخصية ومبادرات إنتاجية قابلة للتنفيذ.
وأكد على أهمية استمرارية مساهمة الفرد في خدمة مجتمعه حتى بعد مرحلة التقاعد، وتضافر الجهود المجتمعية لطرح فرص وإمكانيات استثمار مهاراته وخبراته، مشيراً إلى أن الاستعداد الصحيح يضمن استقبال هذه الفترة الحياتية المهمة بدرجات أكبر من الوعي، وإدارة تحدياتها بإيجابية ونجاح.
«الإمارات للمتقاعدين»: تسهيلات وعيش كريم
وعلى صعيد جمعية الإمارات للمتقاعدين كشف عبيد حديد الخميسي رئيس الجمعية بأن الجمعية تسعى إلى عقد اتفاقات وشراكات تسهم في دعم المتقاعدين على مستوى الدولة، وتوفر لهم التسهيلات والخدمات والخصومات الممكنة، حتى يتسنى لهم العيش بكرامة بعد سنوات طويلة من العطاء والعمل المتواصل.
وقال: لابد أن نقدم للمتقاعد كافة التسهيلات الممكنة؛ إذ إنه خدم الوطن وأعطى من جهده وعمره، وقد حان الأوان أن يحصد ثمرة ذلك العطاء، كما إننا لا يمكننا أن نركن تلك الخبرات على جنب، بل لا بد من الاستفادة منها من خلال تفعيل دور المتقاعد في المجتمع، والاستفادة من خبراته في مختلف القطاعات الممكنة.
وأضاف الخميسي: نحن في جمعية الإمارات للمتقاعدين، نشكر قيادة وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تسعى جاهدة في توفير الحياة الكريمة والسعيدة للمتقاعدين، مشيرا إلى أن الحياة بعد التقاعد تختلف تماماً.
«متقاعدون»: نوظف خبراتنا لخدمة المجتمع
قالت فاطمة سالم المشرخ (متقاعدة): عملت قبل وبعد التقاعد في التطوع المجتمعي على مستوى الدولة، ما أعطاني قيمة لوقتي، فقد أدمنت على العمل التطوعي والخدمة المجتمعية، بعد التقاعد بشكل أكبر، فالحياة بعد التقاعد تجعل المجال مفتوحاً ويكون الوقت دائماً متاحاً ويصبح الشخص غير مقيد بسبب الوظيفة، فالعطاء مستمر بعد التقاعد والحياة لا تقف، فالمتقاعد يستخدم خبراته ومهاراته ويوظف ذلك لخدمة المجتمع.
ودعت إلى إنشاء مجلس للخبراء في الدولة وعلى مستوى كل إمارة، بحيث يتم الاستفادة من تخصصاتهم وسنوات الخبرة التي قضوها في العمل لا تضيع سدى، بحيث يقدم المجلس حلولاً لمشكلات قد تواجه الجهات بأفكار سليمة، فالمتقاعد يجب أن لا يهمش في المجتمع، ويجب إشراكه في المجتمع بشكل جدي.
وأكدت ليلى عبد العزيز: قد يشعر المتقاعد عند تقاعده بأنه تم الاستغناء عنه أو أصبح عضواً غير فعال، إلا أن الأمر غير صحيح بتاتاً، فإن الحقبة التي تلي التقاعد هي من أجمل فترات العمر، والتي يمكن من خلالها ان يستفيد المتقاعد من عصارة تجربته العلمية والعملية في إنشاء مشروع يعود عليه وعلى المجتمع بالنفع والفائدة، لكن لن يتم ذلك إلا إذا تم استثمار الوقت، والجهد والخبرة بشكل صحيح وتوجيههم في الاتجاه الذي يتلاءم مع خبرات ومهارات الفرد، وحصوله على دعم من الجهات المعنية في الدولة.
اكتئاب ما بعد التقاعد
من جانب آخر، قال سالم علي بوزنجال نائب رئيس جمعية الإمارات للمتقاعدين: قد يواجه بعض المتقاعدين فترة من الاكتئاب بعد التقاعد ويقتصر ذلك على الفئة التي تقاعدت لأسباب خارجة عن إرادتها، ولكن في النهاية لابد أن يكون الموظف قد وضع نصب عينيه أن هذا الوقت سوف يحين، وأن التقاعد سيأتي وقته، فالوظيفة رحلة لابد أن تنتهي، لذلك يجب على الموظف أن يخطط جيداً لهذا الوقت من خلال تدبير الالتزامات المادية، والمسؤوليات بحيث يصل في نهاية الرحلة وقد قدم عمله بشكل كامل، وانتهى من مسؤولياته المادية.
ودعا بوزنجال الجهات المعنية بأهمية أن تكون هناك اشتراطات وقيود في عملية التقاعد ومراعاة الحالة النفسية، والاجتماعية والمادية للموظف قبل إحالته للتقاعد. مشيراً إلى أن هناك تجارب ناجحة جداً حول العالم وفي دول متطورة طبقت فيها نظم تقاعد متميزة ساهمت في جعل حياة المتقاعد أسهل وساهمت في تقبله لهذه المرحلة من الحياة المهنية بشكل أفضل.
نقطة انطلاق لحياة جديدة ومبتكرة
وبدورها، قالت عائشة المؤذن أمين سر جمعية الإمارات للمتقاعدين: إن مرحلة ما بعد التقاعد يجب اعتبارها نقطة الانطلاق إلى التغيير لحياة وأهداف جديدة ومبتكرة، حيث بات المتقاعد يحمل معه عصارة خبرة الحياة، ويمكن أن يبدع ويعطي عبر منصات التواصل الاجتماعي التي قد تفتح له أبواباً جديدة للعمل، أو ينضم متطوعاً لإحدى الجمعيات التي تحقق طموحاته أو يبدأ بمشروعه الخاص، وقد تصبح العملية ممتعة أكثر من كونها واجباً وروتيناً حتمياً يجب قضاؤه.
وأضافت: قد يختلف التقاعد وأثره النفسي على كل شخص وقد يكون وقعه أكبر على الرجال من النساء، لذلك تهدف الجمعية إلى دعوة المتقاعدين للانضمام إلى أنشطتها المتنوعة من خلال الاشتراك في عضويتها، واعتبارها باباً من أبواب التغيير، والانطلاق للحياة بعد التقاعد، إذ أن الجلوس الدائم في المنزل والابتعاد عن الحياة المجتمعية النشطة، قد يساهم في أن يقع بعض المتقاعدين في دوامة الاكتئاب.
وأكدت المؤذن على أن التخطيط الجيد والمسبق للتقاعد يتم من خلال الاطلاع على أهم العناصر التي تحقق التقاعد الناجح من جميع الجوانب وهي: ضمان الموارد المالية، التمتع بصحة جيدة، الاستمتاع بالحياة، ورعاية الأسرة، بالإضافة إلى تقوية الجانب الديني، وتطوير العلاقات الاجتماعية، وتنمية الذات، مشيرة إلى أن هناك خطوات مهمة يجب الإلمام بها والدراية التامة بحيثياتها وهي: الاطلاع على قانون التقاعد، بالإضافة إلى وضع تصور لحياة الموظف ما بعد التقاعد.
وأكدت دائرة الخدمات الاجتماعية بإمارة الشارقة لـ«الاتحاد» على أنها تهتم بتخصيص عدد من الورش والدورات التثقيفية والتوعية بشأن التخطيط الصحيح للتقاعد، فقد نفذت الدائرة سلسلة من الورش المعنية بالمتقاعدين والتي جاءت بعناوين متنوعة لتعميم الفائدة، والتي استهدفت فيها مختلف أفراد المجتمع والموظفين وكبار المواطنين، ومن اهم هذه الورش، ورشة:«كن مستعداً للتقاعد الناجح» و«انقلاب الهرم الديمغرافي»، و«نظام قانون الضمان الاجتماعي»، وأهمية الاستعداد لهذا التغير ومبادرة «كيف نحمي المسنين».
وقالت مريم إبراهيم القصير مدير إدارة التثقيف الاجتماعي في الدائرة: إن التخطيط الجيد والمسبق للتقاعد يتم من خلال الاطلاع على أهم العناصر التي تحقق التقاعد الناجح من جميع الجوانب وهي: ضمان الموارد المالية، والتمتع بصحة جيدة والاستمتاع بالحياة، ورعاية الأسرة وتقوية الجانب الديني وتطوير العلاقات الاجتماعية تنمية الذات. مشيرة إلى أنه هناك خطوات مهمة يجب الإلمام بها والدراية التامة بحيثياتها وهي: الاطلاع على قانون التقاعد، بالإضافة إلى وضع تصور لحياة الموظف ما بعد التقاعد.
وأوضحت أن هناك عدداً من الأمور التي لابد من أخذها بعين الاعتبار، قبل اتخاذ قرار التقاعد، بحيث لا تجعل الموظف يندم على اتخاذ هذا القرار، وأهمها أن يضع الموظف برامج وآليات لبعد التقاعد لكي تعوضه عما سيفقده من امتيازات وظيفية تتناسب مع المرحلة العمرية والظروف الحياتية الجديدة له.
وفي مرحلة ما بعد التقاعد قد يقع المتقاعد فريسة للحياة الروتينية البطيئة والمملة إذا لم يكن قد خطط لهذه اللحظة بشكل صحيح من قبل، ولم يقم بتهيئة نفسه لهذه المرحلة، فالتقاعد فترة جني الثمار بعد حصاد السنين، وإذا استطاع الموظف الإلمام بعناصر التخطيط للتقاعد الناجح يضمن أوقاتاً ممتعة يقضيها من دون ضغط العمل.
وأشارت مدير إدارة التثقيف الاجتماعي أنه يمكن أن يستفيد المتقاعد من الوقت الكبير المتاح له بعد التقاعد خاصة إذا كان في صحة جيده من خلال وضعه خططاً وأفكاراً وأهدافاً، والتي قد تشتمل على الانضمام للأنشطة التطوعية والمشاريع المجتمعية، والعمل على مشروع خاص به أو الانضمام في مشروع مع الآخرين، وأن لا يغفل فرصة السفر واكتشاف العالم الخارجي مع الأهل أو الأصدقاء.
نظم وقوانين التقاعد في الدولة
يتوافر في الإمارات المعاشات التقاعدية والحماية التأمينية للمواطنين ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي العاملين في القطاعين الحكومي والخاص ضد المخاطر الطبيعية كالشيخوخة، والعجز، والوفاة، وإصابات العمل.
وتتعدد صناديق التقاعد العاملة فيها بحسب الفئات التي تغطيها، أو جهات العمل المشمولة بأحكامها، فيما تعتبر الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية الجهة المنوط بها تغطية المدنيين في دولة الإمارات، ويدخل تحت مظلتها الجهات الحكومية الاتحادية والجهات المحلية والقطاع الخاص في كافة إمارات الدولة، باستثناء كل من الجهات المحلية في إمارة الشارقة، والجهات المحلية والخاصة في إمارة أبوظبي.
وقد أُنشئت الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية كهيئة اتحادية بموجب قانون اتحادي رقم (6) لسنة 1999، إذ تتولى هيئة المعاشات تطبيق أحكام القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 1999 للمعاشات والتأمينات الاجتماعية وتعديلاته.
وفيما يتعلق بالإطار التشريعي للتأمين الاجتماعي، فقد نصت المادة (14) من دستور الدولة على أن المساواة والعدالة الاجتماعية وتوفير الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين من دعامات المجتمع، والتعاضد والتراحم صلة ٌ وثقى بينهم، كما أقرت المادة (16) من الدستور أن يشمل المجتمع برعاية الطفولة والأمومة، ويحمي القصر وغيرهم من الأشخاص العاجزين عن رعاية أنفسهم لسبب من الأسباب، كالمرض والعجز أو الشيخوخة والبطالة الإجبارية ويتولى مساعدتهم وتأهيلهم لصالحهم وصالح المجتمع، وتنظم قواعد المساعدات العامة والتأمينات الاجتماعية.
شروط
تتلخص شروط الاشتراك في التأمين، بأن يكون الموظف متمتعاً بجنسية دولة الإمارات العربية المتحدة، وألا يقل عمره عن 18 سنة وألا يزيد على الـ (60)، وأن يكون لائقاً صحياً عند التعيين بموجب تقرير طبي من الجهة الطبية المعتمدة لدى الهيئة. ويعتبر الاشتراك إلزامياً لمن تنطبق عليه شروط التسجيل في الهيئة ويتوجب على جهة العمل التسجيل والاشتراك عن الموظف خلال 30 يوماً من تاريخ التحاقه بالعمل.
ووفقاً لقانون المعاشات الاتحادي، فإن نسبة الاشتراك التي تؤدى للهيئة شهرياً عن المؤمن عليه هي 20% من راتب حساب الاشتراك، يتحمل منها المؤمن عليه في كل من القطاعين الحكومي والخاص نسبة 5% وتتحمل جهات العمل في القطاع الحكومي نسبة 15%.
تؤهل مدة 35 سنة خدمة المؤمن عليه الحصول على المعاش بالحد الأقصى وبنسبة 100% من راتب حساب المعاش، ويمنح المؤمن عليه مكافأة نهاية خدمة عن المدة التي تزيد على 35 سنة بواقع ثلاثة رواتب حساب معاش عن كل سنة.
استحقاق المكافأة
يستحق المؤمن عليه مكافأة نهاية خدمة عندما لا تنطبق عليه شروط استحقاق المعاش التقاعدي، وتعتبر أقل مدة مؤهلة للحصول على المكافأة هي سنة فأكثر، وتعتبر أكثر مدة مؤهلة للحصول على المكافأة في حالة الاستقالة الطوعية (19) عاماً و(11) شهراً.