التخطي إلى المحتوى

سجن إيفين الإيراني الذي اجتاحته النيران، ليل السبت، وقتلت أربعة من السجناء، معروف على نحو واسع عالميا بسمعته السيئة، كونه معتقلا للكثير من معارضي النظام، وأحيانا المحطة الأخيرة في حياة عدد منهم.

ما يحدث في سجن إيفين، يكشف تصاعد الغضب في إيران، كما أنه يضع النظام أما تحد جديد يقلق قادته، والتفاصيل تشير إلى تصميم الإيرانيين على مواجهة السلطات.

وبحسب وول ستريت جورنال فقد ردد معارضون مسجونون هناك شعارات مناهضة للحكومة قبل اندلاع العنف واندلاع حريق مميت في المنشأة سيئة الصيت.

وألقت السلطات باللوم على محاولة هروب من المجمع الواقع في شمال طهران والذي أقامه الشاه قبل خمسة عقود.

وتمثل الاضطرابات، وفقا للصحيفة، مؤشرا آخر على أن القيادة في البلاد تواجه أحد أخطر الاختبارات في وجودها المستمر منذ 43 عاما.

وتحولت الاحتجاجات التي ركزت في البداية على رفض سياسة الحجاب الإلزامي في البلاد إلى شيء أكبر، داعية إلى إنهاء الحكم الإسلامي الصارم الذي جاءت به ثورة عام 1979 في البلاد.

احتجاجات إيران

طلاب إيرانيون يهتفون شعارات مناهضة للنظام في إيران السبت.

وبينما قالت السلطات إن أعمال العنف في السجون لا علاقة لها بالاحتجاجات الأخيرة، قال شهود ومدافعون عن السجناء إن الحادث الاستثنائي الذي وقع في إيفين كان علامة أخرى على أن الاحتجاجات التي لا قيادة واضحة لها تنتشر خارج سيطرة الحكومة.

واستمرت الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفقا للقطات تم التحقق منها من قبل الصحيفة.

وفي أردبيل، وهي بلدة في شمال غرب إيران، كانت هناك مظاهرات بعد أن قالت جمعية للمعلمين إن تلميذة تعرضت للضرب حتى الموت بعد أن تحول حدث مؤيد للنظام إلى احتجاج مناهض للحكومة. لكن الحكومة نفت مسؤوليتها قائلة إنها توفيت بسبب مرض في القلب.

ونفت الحكومة كذلك مسؤوليتها عن مقتل مهسا أميني، الشابة التي احتجزتها الشرطة قبل أن تفقد حياتها، نتيجة للتعذيب كما تقول عائلتها، ونتيجة لأمراض مزمنة كما تقول الحكومة.

كيف بدأ الاحتجاج في السجن

وفقا لروايات النشطاء والحكومة، بدأ الأمر في إيفين، السبت، كما تقول الصحيفة.

وفي جناح النساء في السجن، حطمت سجينات باب المبنى المكون من طابقين والذي يضم حوالي 45 سجينة، وانتقلن إلى منطقة الموظفين في ساحة السجن، حيث بدأن يرددن شعارات مناهضة للحكومة، حسبما قالت أتينا دائمي، الناشطة في مجال حقوق الإنسان في طهران والتي أطلق سراحها من إيفين قبل ثمانية أشهر بعد سبع سنوات من السجن هناك.

وقالت للصحيفة إنها سمعت روايات عن أعمال احتجاج من ثماني عائلات سجينات، كما تلقت مكالمات قصيرة، الأحد، من سجينات في جناح النساء في إيفين.

وأضافت دائمي إن أحد حراس السجن حذر النساء، وبعضهن لم يكن يرتدين الحجاب الإلزامي، من أنهن سيقتلن ما لم يعدن إلى المبنى.

وأطلق الحراس الغاز المسيل للدموع وألقوا “شيئا مثل قنبلة يدوية”، على حد قول دائمي للصحيفة.

كما أفادت النساء برؤية حراس مسلحين ببنادق يصوبون نحوهم بأسلحة تحمل عدسات ليزر للتصويب.

وقالت دائمي إن سجينتين – سبيدة كاشاني، وهي ناشطة بيئية، وزهرة صفائي، وهي ناشطة سياسية – أغمي عليهما بسبب الغاز المسيل للدموع واحتاجتا إلى علاج، كما نقلت عن عائلتيهما.

واعتقلت الحكومة مئات المحتجين، وسجنت أكثرهم نشاطا سياسيا في إيفين، حسبما قال أعضاء في حركة الاحتجاج ونشطاء في مجال حقوق الإنسان.

ألسنة النار وهي تتصاعد من مبنى سجن إيفين ليل السبت

ألسنة النار وهي تتصاعد من مبنى سجن إيفين ليل السبت

وكان هناك جناح آخر متضرر من الحريق يضم سجناء سياسيين، وفقا للروايات التي جمعتها النقابة الحرة للعمال الإيرانيين، وهي المظلة الرئيسية للنقابات العمالية، والتي تضم العديد من الأعضاء المحتجزين في إيفين.

وقالت النقابة إن بعض سجناء إيفين تجمعوا في الفناء ورددوا شعارات ضد الحكومة، الجمعة.

ثم حاول مسؤولو السجن، السبت، ترهيب السجناء، الذين احتجوا في وقت لاحق وقاموا بأعمال شغب، على حد قول النقابة.

وفي، صباح الأحد، شوهدت عائلات المعتقلين خارج السجن بحثا عن أخبار عن أقاربهم المسجونين.

ويقال إن أكثر من 15 ألف سجين محتجزون في المجمع المترامي الأطراف على مشارف طهران.

وقالت السلطات إن مشاجرة وقعت، السبت، بدأت في العنبر 7 الذي من المفترض أن يكون للسجناء المدانين بجرائم مالية.

وأضرم السجناء النار في ورشة خياطة، وفقا لوسائل الإعلام الحكومية الإيرانية، مضيفين أن بعض السجناء كانوا يحملون شفرات وحاولوا الهروب من السجن.

وكان من بين الموجودين في العنبر 8 عماد شرقي، وهو إيراني أميركي معتقل في السجن بسبب تهم تعتبرها الولايات المتحدة كاذبة.

ونقلت الصحيفة عن عائلته وعن محامي سياماك نمازي، وهو إيراني أميركي أيضا مسجون بتهم تجسس تقول واشنطن إنها كاذبة، إن الأميركيين نقلوا إلى “عنابر أخرى” لحمايتهم من قبل السلطات.

وتوفي أربعة سجناء جراء استنشاق الدخان وأصيب 61 آخرون، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

وقال محامي نمازي، جاريد جينسر، إنه وضع في الحبس الانفرادي بعد أعمال الشغب يوم السبت، وقال إن ذلك كان “لحمايته”.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على سجن إيفين وإدارته في عام 2018 بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.

وقالت وزارة الخزانة إن “السجناء المحتجزين في  سجن إيفين يخضعون لتكتيكات وحشية تعتمدها سلطات السجن، بما في ذلك الاعتداءات الجنسية والاعتداءات الجسدية والصعق بالكهرباء”.

لا يزال النظام “معاندا”

وفي إشارة إلى أن المؤسسة الإيرانية لم تنحني بعد لمطالب المحتجين، برأ تحقيق أجراه البرلمان الشرطة في قضية وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، والتي أثارت مواجهتها القاتلة مع السلطات بسبب انتهاكات مزعومة لقواعد اللباس في البلاد الاحتجاجات.

ورفض تقرير البرلمان المزاعم بأن الشرطة ألحقت الأذى الجسدي بأميني، ودعا إلى مقاضاة أي شخص يلوم الشرطة إذا لم يتراجع عن اتهاماته.

ومع ذلك، قال التقرير إن خدمات الطوارئ استغرقت وقتا طويلا للوصول وأوصى بإدخال تحسينات على ضبط قانون اللباس في البلاد، بما في ذلك عن طريق تزويد شرطة الآداب بكاميرات تعلق على أجسادهم لضمان انصياعهم للتعليمات.

لكن المشرعين قالوا إنه يجب الحفاظ على التزام المرأة بارتداء الحجاب، على الرغم من أنهم قالوا إن الحكومة يجب أن “تعزز الحجاب والعفة، بالإضافة إلى تنفيذ القوانين، بطرق إيجابية”.

Scan the code