التخطي إلى المحتوى

مع تجدد التظاهرات في إيران تلجأ السلطات في طهران إلى تعطيل خدمات الإنترنت بهدف التعتيم على القمع الذي تمارسه تجاه المحتجين، إذ تقول منظمة هيومن رايتس إن ما لا يقل عن 50 شخصا قتلوا في التظاهرات الأخيرة.

ومنذ أيام تشهد المدن الإيرانية احتجاجات بعد وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من “شرطة الأخلاق”، حيث نزل آلاف المتظاهرين الجمعة إلى الشارع في المدن الإيرانية.

وتندد منظمات غير حكومية بقمع المحتجين، بينما تشهد شبكات الإنترنت انقطاعات في الخدمة، وتعطيل لتطبيقات واتساب وإنستغرام، في الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن إجراءات تدعم “تدفق المعلومات بحرية للشعب الإيراني”.

وأعلنت وزارة الخزنة الأميركية الجمعة، في بيان تخفيف قيود تصدير التكنولوجيا المفروضة على إيران، وهو ما سيسمح للشركات التكنولوجيا الأميركية بالتوسيع في تقديم خدمات الإنترنت للإيرانيين.

دعم حرية الإنترنت

الخبير في تكنولوجيا الأمن السيبراني، أندريه سيتنارسكي، أكد على أهمية القرارات التي اتخذتها وزارة الخزانة الأميركية والتي ستتيح للشركات التكنولوجية إمكانية توفير تقنيات الاتصالات المهمة للشعب الإيراني.

وأضاف في رد على استفسارات موقع “الحرة” أن “دعم حرية الإنترنت في إيران يحتاج إلى وجود تعاون من قبل الولايات المتحدة وكبرى الشركات التكنولوجية والأفراد في إيران لتشكيل نوع من التحالف”.

مدير منظمة “نت بلوكس” المهتمة بالأمن السيبراني ومقرها لندن، ألب توكير، قال إن “الولايات المتحدة يمكنها دعم حرية الإنترنت في إيران وحول دول العالم من خلال التشجيع على تطوير حلول جديدة للتحايل ما تفرضه السلطات من قيود”.

ودعا توكير في تصريحات لموقع “الحرة” إلى دعم وجود “المزيد من شبكات الإنترنت والاتصالات اللامركزية”، مؤكدا أن شبكات الإنترنت في جميع المدن الإيرانية “تخضع للرقابة الصارمة”.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن في بيان الجمعة إن الولايات المتحدة تتيح للشركات التقنية “تقديم المزيد من الخدمات الرقمية للناس في إيران.. بدءا من الوصول إلى خدمات الحوسبة السحابية وصولا إلى أدوات أفضل لتعزيز أمنهم وخصوصيتهم على الإنترنت”.

وأضاف أن الخطوات التي أقرتها واشنطن “ستساعد في مواجهة جهود الحكومة الإيرانية الرامية إلى مراقبة مواطنيها وفرض الرقابة عليهم”.

ووفق بيان للخارجية الأميركية، فإن  هذه الخطوة اتخذت على خلفية قطع الحكومة الإيرانية الوصول إلى الإنترنت لمعظم مواطنيها البالغ عددهم 80 مليونا لمنعهم – والعالم – من مشاهدة حملتها العنيفة ضد المتظاهرين السلميين.

وقال البيان، “في مواجهة هذه الخطوات، سنساعد في التأكد من أن الشعب الإيراني ليس معزولا وفي الظلام. هذه خطوة ملموسة لتقديم دعم حقيقي للإيرانيين للمطالبة باحترام حقوقهم الأساسية”.

تحديات فنية

وصفي الصفدي، خبير اقتصادي متخصص في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قال إنه “لا يوجد حتى الآن تقنيات تتيح تقديم خدمات الإنترنت داخل المدن من دون وجود سيطرة عليها من قبل الجهات التنظيمية الرسمية”.

وأوضح في حديث لموقع “الحرة” أنه حتى خدمات الإنترنت التي تعرف باسم “الإنترنت الفضائي” لا يمكنها تجاوز “التعقيدات التي قد تفرضها جهات تنظيمية”، فهي تعتمد على وجود أجهزة “مستقبلات منزلية (ريسيفير)، وحتى وجود محطات أرضية في بعض المناطق”.

ويرى الصفدي أن توفير “الإنترنت داخل أي دولة من دون الموافقات التنظيمية قد تكون مسألة شائكة وبالغة التعقيد”، إذ لا يمكن الاعتماد على تهريب قطع “الستلايات وتركيبه فوق أسطح المنازل لاستقبال الإنترنت، وهو ما قد يعرض الشخص للمسآلة القانونية”.

ويتفق توكير مع هذا الرأي مؤكدا أن تكنولوجيا الإنترنت الفضائي تعتمد على وجود “معدات طرفية لدى المستخدم النهائي”، مشيرا إلى أن الحل قد يكمن بأن “تتيح تكنولوجيا الإنترنت الفضائي إرسال الخدمة بشكل مباشرة لأجهزة الهواتف الخلوية”، وهو ما سيكون له أثر مباشر على حرية استخدام الإنترنت.

وكان الرئيس التنفيذي لسبيس إكس، إيلون ماسك قد أعلن الاثنين الماضي أن الشركة ستطلب “إعفاء من العقوبات المفروضة على إيران لتوفير خدمات الإنترنت للأقمار الصناعية ستارلينك”.

ويشرح الخبير سيتنارسكي أنه لطالما كانت “التكنولوجيا والحكومات في سباق ومنافسة، إذ تسعى الحكومات للهيمنة على الحلول التقنية، وهو ما يعني أهمية أن تبقى التكنولوجيا في تطور يتجاوز سيطرة مثل هذه الدول”.

وفيما يتعلق بالإنترنت الفضائي الذي يمكن أن توفره “ستارلينك” قال “إن الشركة يمكنها تزويد الإنترنت الفضائي للمواطنين في إيران، ولكن في الوقت ذاته الحكومة هناك يمكنها وقف هذه الخدمة ولن تكون بعيدة المنال عنها”، ولهذا نحتاج إلى تحالف الولايات المتحدة مع الدول الأخرى التي تدعم حرية الإنترنت وكبرى شركات التكنولوجيا لتوفير حلول تدعم استخدام الإنترنت للأفراد بحرية في إيران.

تخفيف القيود

وأشارت وزارة الخزانة في بيانها إلى أن هذه الإجراءات تتيح تسهيلات إضافية للخدمات التي تدعم أدوات الاتصال وبما يدعم مقاومة الرقابة القمعية على الإنترنت وأدوات المراقبة التي ينشرها النظام الإيراني.

وتشمل الإجراءات تسهيل خدمات الوصول إلى منصات الوسائط الاجتماعية، ومنصات التعاون، ومؤتمرات الفيديو، فضلا عن تسهيل الوصول إلى الأدوات التي تتضمن وظائف الاتصال مثل الخرائط عبر الإنترنت والألعاب الإلكترونية ومنصات التعلم الإلكتروني والترجمة الآلية وغيرها.

وتتضمن هذه الإجراءات كذلك، ترخيص برامج مكافحة الفيروسات والبرامج الضارة؛ وبرامج مكافحة التتبع لأنظمة تشغيل الأجهزة المحمولة والبرامج ذات الصلة؛ وأدوات مكافحة الرقابة؛ بالإضافة إلى برامج الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) ؛ والبرامج ذات الصلة.

تصاعد الاحتجاجات

شكلت طهران، مساء الجمعة، مسرحا لتظاهرات غاضبة جديدة، بعد أسبوع من احتجاجات على وفاة شابة اعتقلتها شرطة الآداب وأدى قمعها إلى مقتل ما لا يقل عن 17 شخصا. 

وتُظهر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تحققت منها وكالة فرانس برس، رجلا يرتدي زيا عسكريا يطلق النار على متظاهرين لم يحدد عددهم حتى الآن، في منطقة شهر ري في جنوب العاصمة الإيرانية.

وتظهر لقطات أخرى محتجين يركضون أمام فندق بارك رويال في شمال طهران، في شارع شهد فوضى وإشعال حرائق. وسمع دوي ما لا يقل عن ثماني طلقات لم يحدد مصدرها. 

وأوقفت شرطة الأخلاق مهسا أميني (22 عاما) في 13 سبتمبر، وتوفيت في مستشفى بعد ثلاثة أيام. وقال ناشطون إنها تلقت ضربة على رأسها، لكن السلطات الإيرانية نفت ذلك، وأكدت أنها فتحت تحقيقا في الحادثة.

وقتل 17 شخصا على الأقل في التظاهرات الاحتجاجية التي خرجت في مناطق عدة من إيران منذ إعلان وفاة أميني وتخللتها مواجهات، بينهم عناصر في قوى الأمن، بحسب وسيلة إعلام إيرانية رسمية، لكنّ الحصيلة قد تكون أعلى. 

وأفادت منظمة “هيومن رايتس إيران” التي مقرها في النروج، الجمعة، بمقتل ما لا يقل عن 50 شخصا في الاحتجاجات. 

وذكر ناشطون ووسائل إعلام، الجمعة، أن متظاهرين اشتبكوا في مدن إيرانية عدة مع قوات الأمن وأحرقوا سيارات للشرطة ورددوا شعارات معارضة للحكومة. 

وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن الشرطة اعتقلت عددا غير محدد من الأشخاص، بينهم الناشط ماجد توكلي والصحافي نيلوفر حميدي بحسب ما أفاد مقربون منهما.

وانتشرت صور على شبكات التواصل الاجتماعي لنساء إيرانيات يحرقن الحجاب في بلدٍ يفرض عليهن تغطية رؤوسهن.

وفي مواجهة المتظاهرين الذين وُصفوا بأنهم “معادون للثورة” و”مثيرو شغب” و”متآمرون”، ردت السلطات بتنظيم تظاهرات مؤيدة لها بعد صلاة الجمعة.

ونزل آلاف المتظاهرين، الجمعة، إلى الشارع في عدد من المدن الإيرانية بناء على دعوة منظمة حكومية تأييدا لوضع الحجاب، بعد احتجاجات متواصلة منذ سبعة أيام على وفاة أميني التي كانت أوقفتها شرطة الأخلاق بسبب “لباسها غير المحتشم”.

وندّدت منظمات غير حكومية تنشط من خارج إيران بقمع عنيف للمحتجين، بينما تشهد شبكة الإنترنت في كل أنحاء البلاد اضطرابات وانقطاعات، لا سيما بالنسبة إلى تطبيقي واتساب وإنستغرام، فيما أعلنت واشنطن اجراءات “دعم لتدفق المعلومات بحرية إلى الشعب الإيراني”. 

وكانت أشرطة فيديو تم تداولها بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت نساء خلال الاحتجاجات يخلعن حجابهن ويلقين به في نار مشتعلة في الطريق. وهتف المتظاهرون أيضا “لا للحجاب، لا للعمامة، نعم للحرية والمساواة”.

وتخلّلت الاحتجاجات مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن، وأحرق المتظاهرون آليات للشرطة وألقوا الحجارة باتجاهها، وفق أشرطة فيديو تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وناشطين. 

Scan the code