على الرغم من أنه يبدو كما لو كان الأيبود جهازا عاديًا، في الواقع يبلغ عمر هذا الإصدار من مشغلات الموسيقى الرقمية المحمولة نحو ٢٠ عاما فقط، حيث جاء عقب فترة من التعامل مع أجهزة الـ(MP3) باهظة الثمن، سيئة الاستخدام.
يرجع الفضل في هذه الثورة الرقمية للعبقري أنتوني فاضل، أحد العلماء من أصل عربي، الذي نجح في تقديم تكنولوجيا رقمية جديدة على العالم، متمثلة في مشغّل موسيقي صغير الحجم، واسع الذاكرة وسهل الاستخدام. وبالتأكيد كان هذا بمساعدة حقيقية من ستيف جوبز، مالك شركة أبل. فما هي القصة؟
تطوُّر بطيء
أدى ظهور صيغة الـ (MP3) في أواخر التسعينيات إلى تمكين عشاق الموسيقى من جمع مئات المقاطع الصوتية الرقمية والاستمتاع بها.
لكن تلك المسارات كانت مقيدة بأجهزة الكمبيوتر. لذا كان منطقيًا أن تكون الخطوة التالية هي تحرير الملفات من خلال وضعها على نوع من الأجهزة؛ حتى يتمكّن المستخدم من تشغيلها أينما ومتى أراد.
كانت سعة التخزين المحدودة هي أكبر مشكلة في مشغلات MP3 المبكرة، وعلى الرغم من تقديم بعض الشركات لمشغلات أكبر من حيث سعة التخزين التي وصلت لـ٢ جيجابايت، اصطدم المستخدمون بعائق التكلفة المبالغ بها للحصول على مثل هذه الأجهزة، والتي كانت تصل أحيانًا لكا يدنو من ألفي دولارٍ للجهاز الواحد.
في عام ٢٠٠١، أطلقت شركة إنتل أول مشغل موسيقي محمول واسع التخزين مقابل سعر معقول نسبيًا، لكنه لم يستمر طويلًا في الأسواق بسبب إغلاق الشركة لقسم الإلكترونيات المنزلية لاحقًا في نفس العام.
لكن في نفس العام، قدمت شركة أبل أول جهاز أيبود، بسعة 5 جيجا بايت وشاشة كبيرة باللونين الأبيض والأسود. وتم بيع أول جهاز أيبود مقابل 400 دولار أمريكي. والسؤال: من كان صاحب الفضل في تقديم هذا الاختراع للعالم؟
أنتوني فاضل.. الأب الروحي للأيبود
يعتقد أن أنتوني ميشيل فاضل، الأمريكي من أصل لبناني، كان خلف الاختراع الثوري المعروف بأيبود، لكن قبل أن نبدأ بالقصة دعنا نتعرّف على الرجل عن قرب.
تعامل فاضل مع أجهزة الكمبيوتر منذ سن الثانية عشرة وحضر، واطلع على مجلات الكمبيوتر وحلم بالعمل مع الفريق المسؤول عن إنشاء كمبيوتر «ماكينتوش» الخاص بشركة أبل.
لذا، درس هندسة الكمبيوتر في جامعة ميشيغان وكطالب جامعي قام ببناء شركة صغيرة، متخصصة في إنتاج برامج الوسائط المتعددة للأطفال. وبعد اكتساب بعض من الخبرات عبر العمل في مؤسسات عملاقة مثل «فيليبس» وكعاشق للموسيقى طوال حياته، كان يأمل في تطوير مشغل موسيقى رقمي محمول.
وفي أثناء سعيه للحصول على تمويل لشركته الخاصة، تلقى دعوة لتقديم المشورة لشركة أبل، حيث كان المؤسس ستيف جوبز على رأس الهرم الوظيفي للشركة.
كان جوبز مهتمًا بتطوير مشغل موسيقى، وقتئذٍ، قام فاضل بتقديم تصوُّره المبدئي عن المشغل الموسيقي (أيبود) لجوبز، الذي عرض عليه توظيفه بدوام كامل لقيادة مجموعة من مشاريع الشركة العملاقة.
طبقًا لعدد من المصادر، أشرف فاضل على أول 18 نسخة لجهاز أيبود؛ وهو الجهاز الذي أعاد إحياء ثروات شركة آبل المتعثرة وأحدث اضطرابًا كبيرًا في صناعة أشرطة الكاسيت والموسيقى التي تعتمد على الأقراص المضغوطة.
وفي غضون خمس سنوات، ترقى فاضل من مستشار خارجي إلى نائب رئيس أول مسؤول عن قسم أيبود في شركة أبل.
الأيفون.. فكرة عبقرية؟
عندما قرر ستيف جوبز تحوُّل شركة آبل إلى مجال الهاتف المحمول، عيّن فاضل مسؤولاً عن المشروع الجديد بعد نجاحه الضخم بملف الأيبود.
في البداية، فشلت الجهود المبذولة لإضافة هاتف إلى بنية جهاز الأيبود، ولكن عندما أعاد فاضل وفريقه تصور المشروع على أنه هاتف محمول مع جهاز أيبود مدمج، قاموا بإنشاء جهاز آخر، وهو الأيفون؛ ذلك الجهاز الذي وضع شركة أبل على رأس هرم صناعة الهواتف المحمولة.
وعلى الرغم من نجاح علاقة العمل بين جوبز وفاضل، كانت علاقتهما الشخصية مضطربة، حتى وإن كانت كل التوقعات تشير إلى اللبناني كخليفة محتمل لجوبز. في النهاية، أدى الخلاف بين الثنائي إلى جدالات حماسية وتهديدات متكررة من قبل فاضل بالاستقالة.
نهاية علاقة أنتوني فاضل وأبل
في حدود عام ٢٠٠٨، بدأ فاضل في مواعدة نائبة رئيس شركة آبل للموارد البشرية، دانييلا لامبرت، وتزوجها في غضون عام. بمرور الوقت، قبل أن يستقيلا في نفس العام.
بعد تركه لأبل، شرع فاضل ولامبرت في بناء منزل أحلام مستدام بيئيًا وموفرًا للطاقة في بحيرة تاهو. عندئذ، قرر الثنائي أن يستفيدا من خبراتهما بمجال التكنولوجيا الرقمية في بناء جهاز ذكي، يمكنه التحكم في درجة حرارة المنزل، عبر تعلّم عادات المستخدمين.
ومن هنا، أنشأ فاضل شركة «نيست»، لإضافة التكنولوجيا الرقمية للمنازل؛ وهي الشركة التي قامت جوجل في الاستحواذ عليها عام ٢٠١٤ مقابل نحو ٣.٢ مليار دولار أمريكي.
المصادر:
١- تطوّر مشغل الـMp3.
٢- أنتوني فاضل.. اختراع المستقبل