التخطي إلى المحتوى


6 سبتمبر 2022 16:47

أصبحت معامل الطوب المنتشرة في قرية اكيل بور الصغيرة وسط ولاية البنجاب مهجورة حالياً، إذ أُطفئت أفرانها نتيجة الأمطار الغزيرة التي اجتاحت باكستان خلال الأسابيع الأخيرة متسببةً بأسوأ فيضانات في تاريخ البلاد.
وترك معظم العمال المياومين الذين يتلقون أجوراً زهيدة منازلهم وتوجهوا إلى ملاجئ في مناطق لم تتضرر من الفيضانات.
ويقول العامل المتجوّل محمد أيوب لوكالة فرانس برس: «آتي إلى هنا يومياً على دراجتي الهوائية وأتنقّل بين معامل الطوب بحثاً عن عمل، لكنّي لا أتوفّق».
وأصبحت الطريق التي تعبر القرية مكاناً يتجمّع فيه عمّال فقدوا منازلهم وعملهم.
ولمحمد (40 سنة) والدة مريضة وابنة تبلغ ثماني سنوات يتعيّن عليه إعالتهما.
وعندما دُمّر منزله نتيجة الأمطار الغزيرة التي سبقت الفيضانات، أرسلهما إلى منزلِ قريبٍ له يعيش في منطقة مجاورة.
لكنّ العائلة اضطرت عند حصول الفيضانات للجوء إلى مخيم أُقيم بصورة عاجلة على أرض مرتفعة خارج القرية.
وتسببت الأمطار الموسمية القياسية في حدوث فيضانات مدمرة في باكستان، ما أسفر عن مصرع أكثر من 1300 شخص على الأقل وألحق أضراراً طاولت أكثر من 33 مليوناً آخرين، فيما أصبحت ثلث أراضي باكستان مغمورة بالمياه.

– ثلاثة دولارات في اليوم 

ودُمّر أو تضرر بشدة نحو مليوني منزل وموقع عمل نتيجة الفيضانات. وينبغي أن تعاود معالم الطوب في اكيل بور عملها بالكامل للمساهمة في عملية إعادة الإعمار التي قدرت الحكومة تكلفتها بأكثر من 10 مليارات دولار.
وتنتشر آلاف مصانع الطوب الصغيرة وتلك الحرفية في المناطق الجنوبية، وهي تتولى توفير مادة البناء الأساسية هذه لباكستان التي تضم 220 مليون نسمة.
لكنّ أكوام الطوب التي يُفترض أن تُنقل إلى مواقع البناء في مختلف أنحاء البلاد، لا تزال مكدسة وشبه مغمورة بالمياه.
وكان محمد يعمل 12 ساعة ليلاً في تصنيع الطوب مقابل تلقيه أقل من 600 روبية (3 دولارات) في اليوم.
ثم يذهب صباحاً للعمل في حقول مجاورة. ولم يكن ينام سوى ساعات قليلة بعد الظهر قبل أن يعود مساءً إلى معمل الطوب.
وخسر محمد كل مصادر رزقه منذ أن أُغلقت المعامل وغمرت المياه الحقول.
ويقول لوكالة فرانس برس: «أين يذهب الشخص عندما يكون عاملاً»؟، مضيفاً أن «العمال يعودون بنتائج سلبية من أي مكان يقصدونه بحثاً عن عمل».

– عمالة الأطفال 

 

أما محمد إسماعيل، فهو أحد أصغر العمّال البالغ عددهم نحو خمسين شخصاً والمقيمين في مخيمات قرب اكيل بور. 

وقبل نحو عام، بدأ محمد بُعيد عيد ميلاده الثاني عشر العمل مع والده في أحد معامل الطوب.
وكان يساعد في وضع المادة التي يتشكل منها الطوب داخل قوالب قبل نقلها إلى الأفران، آملاً في مساعدة والديه على توفير الطعام لأشقائه وشقيقاته الأصغر منه سنّاً والبالغ عددهم ستة.
وبعدما اضطروا بدورهم لترك منزلهم بسبب الفيضانات، اقترض والده المال لشراء الطحين والمواد الغذائية الأساسية للعائلة.
ويقول محمد: «أصبحنا مديونين»، مضيفاً: «أبحث مع والدي يومياً عن عمل لأنّ علينا سداد ديوننا، لكنّي أفقد الأمل».
وفي بعض المناطق الباكستانية، يجد عدد كبير من الأشخاص أنفسهم مستعبدين مدى سنوات لعدم قدرتهم على تسديد ديونهم، إذ ترتفع قيمة الفائدة على المبلغ الأساسي باستمرار.
وتتوارث الأجيال أحياناً هذه الديون.
ودعت مجموعة من العمال في اكيل بور صاحب أحد معامل الطوب لإعادة فتح معمله كي يتمكنوا من معاودة العمل. لكن محمد أيوب يعتبر أنّ هؤلاء يطالبون بما هو مستحيل.
ويقول إنّ «المياه المتجمعة هنا لن تزول قبل أقلّه ثلاثة أشهر»، مضيفاً: «بمجرد أن تتبخر المياه، سنحتاج إلى شهرين آخرين أو شهرين ونصف الشهر لإصلاح المعامل المتضررة».

 

المصدر: وكالات