تعتبر لعبة The Last of Us الأولى واحدة من أيقونات الصناعة من حيث السرد القصصي، ومعنى أن تتعدى اللعبة محدودية مكانتها كمنتج ترفيهي وتكون عملًا فنيًا شبه متكامل الأركان وربما تجاوز تأثيرها تأثير أي لعبة فيديو أخرى صدرت قبلها -أو بعدها- لكن علينا أن نتذكر جيدًا أن هذا العنوان كان قد صدر في 2013، حين كانت ألعاب العالم المفتوح ذات المحتوى المتكرر تسيطر على الصناعة دون التركيز على تقديم قصص ذات معنى، وهنا كانت نقطة قوة The Last of Us.
ارتفع الآن سقف التوقعات في الصناعة بشكل عام، ويبدو أن Naughty Dog (المطور) وسوني يقدران كثيرًا اللعبة لدرجة جعلتهم يرون بأن عمل ريميك كامل للجزء الأول الأيقوني، ورفع مستوى رسومه لتضاهي رسوم الجزء الثاني الصادر في 2020، أمرًا ضروريًا تخليدًا لذكرى اللعبة العظيمة، ونتيجة هذا القرار كانت The Last Of Us Part 1 بسعر 70$، فهل تستحقه؟ إليكم المراجعة.
اقرأ أيضًا: لماذا تعمل سوني على ريميك The Last Of Us
من خلال الدعاية الإعلانية للعبة، يمكننا رؤية اهتمام سوني الشديد بإرساء المفهوم للجماهير بأن هذه الإصدارة هي ريميك كامل للعبة، باستخدام عبارات مثل Made from the ground Up for PS5 في كل إعلان صدر للعبة تقريبًا، ولكن هنا فإن الوضع يختلف عن بقية الألعاب التي صدر لها ريميك في الفترة الأخيرة مثل Mafia و Resident Evil 2 لأنها لعبة لم يمر بعد على إصدارها 10 أعوام حتى على عكس السابق ذكرهما، كما أنه تم إصدار نسخة محسنة للعبة في 2013 لذلك يجب أن نضع في عين الاعتبار أن المسافة التي كان نوتي دوج قطعها لم تكن كبيرة من الأساس.
قصة اللعبة باختصار:
تدور أحداث الجزء الأول من The Last Of Us حول Joel ، وهو مُهرب في حقبة انتشر فيها وباء يحول البشر إلى مخلوقات “زومبي” ، تجمعه الظروف مع الطفلة Ellie ويُطلب منه أن يقوم “بنقلها” إلى مكان محدد، ولكن رحلتهما تخلق بينهما رابطًا قويًا يُعيد لـ”جول” الأمل في الحياة ويذكره بابنته “سارة” التي لم تسمح له الظروف بأن يحظى معها بحياة سعيدة.
ما الجديد في الريميك؟
- دعني أوضح لك شيئًا في البداية، الفرق واضح وضخم بين إصدار الريميك والريماستر الذي صدر في 2014، كل شيء تقني تغير تقريبًا. بما في ذلك حركات الوجوه وتعابيرها والتي جعلت للقصة مذاقًا آخر وجمالًا مُضاعف يفوق المرة الأولى في خوضها.
- التغييرات التقنية تبدأ من البيئات التي تم العمل على إثرائها بالمزيد من التفاصيل لكل الأسطح والخرائط والتي كانت خطية بشكل أكبر من الجزء الثاني. لم يتم تغيير ذلك، لكن تم جعله أشد جمالًا.
- الفيزياء أيضًا تم العمل عليها لتفاعلاتك مع كل شيء من حولك. بدايةً من شكل هطول الأمطار على الشخصيات في اللعبة، إلى تأثير ضرباتك على الأسطح المختلفة وأهمها الزجاج والأخشاب.
- نظام الذكاء الإصطناعي للأعداء والذي كان ضعيفًا في الإصدار الأصلي تم تحسينه ليكون مشابهًا للجزء الثاني بحيث يتمكن الأعداء من تقديم تحدٍ حقيقي في بعض الأوقات، ومباغتتك بأشكال لم تكن تتصورها، مثل الدوران بشكل ذكي حول مكان تمركزك، لذلك ستجد بأن عليك بالحركة الدائمة.
- أحد أكثر العناصر التي أبهرتني كانت خيارات الوصول أو Accessibility option والتي كانت على مستوى الجزء الثاني بل وأفضل في بعض الجوانب وتقدم كل شيء قد تحلم مثل تخصيص الصعوبة وتغيير زواية الكاميرا ومداها، وإمكانية تخطي الألغاز مع تعديل جميع جوانب التجربة لتناسب من يعانون من الدوار بعد فترات لعب محددة وأكثر.
- هناك أيضًا قائمة تُدعى Cheat codes والتي تقدم تغييرًا لطيفًا على أسلوب اللعب بحيث يمكنك اختيار أن تحظى بشريط حياة لا نهائي، أو ذخيرة لا نهائية. استمتعت شخصيًا بهذه المميزات خلال لعبي مع إتاحة عدد لا نهائي من السهام الُمتفجرة والتي غيرت كثيرًا من نكهة اللعبة وجعلتني أواجه أعداد كبيرة من الأعداء متناسيًا جانب البقاء على قيد الحياة في اللعبة.
- توفر اللعبة أيضًا تعليقًا من مخرج اللعبة Neil Druckman، و Troy Backer مؤدي صوت جول، على الأحداث لكنه يكون مغلقًا لحين نتنهي من القصة لمرة على الأقل بدون تفعيله.
- الإضاءة وتأثيرها على الأسطح أيضًا تم تغييره بما يناسب ألعاب Naughty Dog الأخيرة والتي كانت الأفضل في الصناعة بلا منازع في هذا الصدد.
الأداء التقني
تقدم اللعبة طوريّ أداء وهما :
Performance
يقدم هذا الطور Dynamic 4K كدقة عرض، مع استهدافه لـ 60 إطارًا في الثانية.
Fidelity
والذي يستهدف 30 إطارًا في الثانية مع دقة عرض Native 4k، وكلاهما يعمل بسلاسة كبيرة لكن بالطبع اللعب على 30 إطارًا بالثانية ليس الخيار الأفضل خصوصًا بعد تجربة ال60 إطار الأكثر سلاسة وملائمة للمعارك السريعة والمحتدمة.
يمكنك أيضًا فتح الحد الأقصى للإطارات إذا كانت شاشتك تسمح بذلك، في حالة وجود شاشة 120Hz يمكنك أيضًا اللعب بطور Fidelity مع تمكينVRR وهي ميزة ترفع من معدل الإطارات بشكل ملحوظ.
إليك التحليل التقني المُتعمق في The Last Of Us Part 1
المميزات باختصار
- رسوميًا، هذه اللعبة تحفة فنية متكاملة الأركان، ترفع من سقف الطموحات أعلى من معظم الألعاب الموجودة حاليًا، وهي لعبة جيل جديد بحق، تستغل مميزات البلايستيشن 5 بشكل مثالي وكل ركن فيها أصبح أجمل و أفضل.
- تعابير الوجوه تم تحسينها كثيرًا إذ أصبحت تقدم وزنًا أكثر للشخصيات و المشاهد المؤثرة، خصوصًا وجه شخصية Tess التي تحسن بشكل جبار. جول وإيلي أيضًا حظيا بتحسن رسومي جبار جعل المشاهد بينهما من أجمل ما قد تراه في عالم الألعاب.
- خيارات التخصيص، خصوصًا تلك التي تتيح لك خوض تجربة تتبع رغبتك وتفضيلك الشخصي كانت تغييرًا مُرحب به وأضافت للتجربة رونقًا خاصًا، خصوصًا من حيث الصعوبات وعدوانية الأعداء وذكائهم. هناك خيار يتيح لك أن تفتح إمكانية هرب الأعداء من قبضتك أثناء الإمساك بهم، فتحت ذلك الخيار وكنت أتوقع ألا يؤثر عليّ كثيرًا لكنه زاد من صعوبة اللعب بالنسبة لي لأنني كنت أعتمد -دون أن أنتبه بشكل كبير- على الإمساك بالأعداء البشريين كدروع بشرية.
- تقنيًا اللعبة تعمل بشكل سلس وكأنها لعبة خفيفة، لا تقطيع ولا جليتشات!
- تفاصيل البيئات تم العمل على إثرائها بشكل رائع.
- التغيير الجذري للفيزيائية أثر على التجربة بالإيجاب وجعلها أكثر غمرًا للاعبين وأعطى العالم شعورًا غير مسبوق بالواقعية والحيوية.
- تعتمد اللعبة على تقنية 3D audio والتي تعطي أجواء أفضل بمراحل من الإصدار الأصلي خصوصًا في لحظات الليل والتخفي مع وجود مخلوقات Clickers في المحيط.
العيوب باختصار
- عدم إضافة أي محتوى جديد للقصة أو محاولة تغيير اللعبة من حيث تصميم المراحل.
- عدم إضافة آليات التسلل المثيرة للإهتمام والتي تم تقديمها بشكل رائع في الجزء الثاني.
- عدم نقل إمكانية تفادي ضربات الأعداء (Dodge) من الجزء الثاني.
- إزالة طور اللعب الجماعي والذي كان سينتعش بسبب فيزيائية العالم الجديدة والرسوم الخارقة.
هل أنصحك بشراء اللعبة؟
يتوقف الأمر على موقفك من اللعبة ومدى حبك لها، وما إذا كنت ترى أن خوض التجربة نفسها برسوم وفيزيائية أفضل يستحق 70$ أم لا.
أما إذا كنت لم تلعب اللعبة من قبل، فأنا أرشح لك هذه النسخة لأنها أفضل طريقة لخوض واحدة من أجمل تجارب الألعاب.
أعيب على سوني فقط أنها لم تنتهز الفرصة لتحسين اللعبة من حيث تصميم المراحل أو لم تضف شيئًا للقصة، لكن يظهر الريميك جليًا اعتزاز استوديو Naughty Dog بأبرز أعماله، ويٌخلد تلك التحفة الفنية ليجعلها نسخة شبه مطابقة للجزء الثاني رسوميًا وميكانكيًا، تمامًا مثل جزئيّ الكتاب مجتمعيْن في مُجلد واحد، مع تقديم بعض التحسينات الضرورية وطوريّ أداء مختلفيْن، ولكن مع الأسف مع حذف طور اللعب الجماعي، وبسعر 70$ كاملين، هو ما يجعل قرار شرائها يعتمد على التفضيل الشخصي لكل لاعب وتقديره لقيمة اللعبة أمام سعرها.
التحديث الرسومي – 10
الصوتيات – 10
القصة – 10
قيمة مقابل سعر – 7
خيارات تخصيص التجربة – 8.5
استغلال اللعبة لمميزات Dualsense – 8.5
9
عظيمة
قصة إنسانية في عالم مُزري وكئيب، وفي نفس الوقت جميل. ربما تكون The Last of us هي أجمل لعبة عن نهاية العالم رأيتها من قبل، والريميك يفهم ذلك ويحاول تحسينه أيضًا على الصعيد الرسومي، وبما أن الرسوم دائمًا ما تقدم عالمًا أكثر قابلية لأن ينغمر اللاعبون فيه، فإن الريميك يعتبر هو الطريقة المُثلى لخوض التجربة.