أبوظبي: «الخليج»
شاركت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، مؤخراً، في الحلقة الدراسية الـ55 للدراسات العربية، حيث قدمت أربع أوراق بحثية جديدة تتناول بالتفصيل الأنشطة الأثرية والاكتشافات التي قام بها خبراء الدائرة والشركاء، والتي كشفت عن رؤى جديدة للحياة القديمة في أبوظبي والمنطقة.
الندوة التي نظمتها الرابطة الدولية لدراسات الجزيرة العربية، وعقدت في الفترة من 5 إلى 7 أغسطس الماضي في جامعة هومبولت في برلين، هي الملتقى الدولي السنوي الوحيد لتقديم أحدث البحوث الأكاديمية حول التراث الثقافي والطبيعي الخاص بالجزيرة العربية.
عرضت الورقة الأولى «ضوء جديد على الساحل الخصيب من العصر الحجري الحديث: الحفريات الأخيرة في جزيرة غاغا وظهور العمارة المحلية في الجزيرة العربية القديمة»، بالتفصيل لنتائج المسوحات والحفريات التي أجرتها دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في جزيرة غاغا الواقعة في أقصى غرب إمارة أبوظبي. تم تحديد موقعين غير معروفين من قبل من العصر الحجري الحديث في الجزيرة، أحدهما يضم مجموعة من الغرف المبنية بالحجارة، والآخر يضم قطعاً حجرية أثرية. تشمل الاكتشافات من كلا الموقعين رؤوس السهام والشظايا والأوعية الجبسية والأدوات الحجرية الأخرى. يشير الفحص بالكربون المشع للمواقع إلى أنّ الجزيرة تم استيطانها عام 6500 قبل الميلاد، أي قبل أية عمارة محلية معروفة أخرى في المنطقة بكثير.
الورقة البحثية الثانية بعنوان «الغمر الساحلي قصير المدى لجزيرة الجبيل: أفران الجير الحديثة واستخدام الموارد البحرية للأعمال الحرفية»، سلّطت الضوء على شكل من أشكال الإنتاج الحرفي الذي لم يتم تناوله إلا في ما ندر. التدخل الأثري الذي قامت به مؤسسة إيفيها إنترناشونال للدراسات في جزيرة الجبيل بأبوظبي مبني على المسوحات السابقة التي أجرتها دائرة الثقافة والسياحة، والتي حدّدت ملامح الاستيطان الحضري بدءاً من عصور ما قبل التاريخ وصولاً إلى الوجود الإسلامي في العصور الحديثة. كشفت الحفريات عن مواقع إنتاج الجير من العصرين الحديدي (حوالي 1300 قبل الميلاد) لغاية الإسلامي (القرن التاسع عشر)، بما في ذلك الحفر والأفران. تم استخدام الشعاب المرجانية والأصداف كمواد خام، وتشير الأدلة إلى أن غابات المانغروف والموارد البحرية في الجزيرة قد تم استغلالها على نطاق واسع.
أما الورقة الثالثة المعنونة «سجل العصر الحجري القديم لإمارة أبوظبي» فقد وثّقت تفاصيل العمل ونتائج الأعمال الميدانية التي أجريت في السنوات الأخيرة في ضواحي مدينة العين، في كل من جبل حفيت وعلى حافة سهل الجو، والتي أسفرت عن اكتشاف العديد من المواقع السطحية واللقى الآثارية من العصر الحجري القديم، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من 300 ألف عام. عززت المواقع الجديدة معرفتنا بالفترة الزمنية للعصر الحجري القديم في الإمارة، وساهمت في فهم الاستيطان البشري في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية وأبعد من ذلك، بما تضمنته من مجموعة قطع أثرية تم جمعها من هذه المواقع باستخدام أساليب جيولوجية أثرية لتحديد مصادر المواد الخام وإلقاء الضوء على عمليات تكوين الموقع.
بينما وثّقت الورقة الرابعة بعنوان «مشروع سياج حدود عمان 2021 – رحلة عبر المناظر الطبيعية الهيدروليكية والزراعية والجنائزية في العين»، أعمال الرصد والتنقيب الأثرية التي نفذتها إدارة البيئة التاريخية في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي على امتداد 11.5 كم من الحدود بين الإمارات وعمان.
أنتج المشروع ثروة من البيانات الجديدة حول تطوير المساحات الطبيعية للواحات التاريخية في العين، مع بعض أهم الاكتشافات بما في ذلك مدفن جماعي كبير مبني بالحجارة داخل مقبرة أوسع مساحةً من العصر الحديدي، ومقابر بهياكل مرتفعة من الفترة الحديثة ما قبل الإسلام، وأكثر من خمسين من الأفلاج القديمة (القنوات المائية تحت الأرض) من مختلف التواريخ وتقنيات البناء.
تدير دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي برنامجاً أثرياً على مستوى إمارة أبوظبي، بما يتماشى مع أهدافها في الحفاظ على التراث الثقافي للإمارة وحماية وإدارة والترويج لتاريخ وإرث الإمارة الثقافي العريق. تحتوي الإمارة على بعض أهم المعالم الثقافية والتاريخية وأكثرها قيمةً وفرادةً من نوعها في المنطقة والعالم.