دبي (الاتحاد)
حقق التوازن بين الجنسين في دولة الإمارات نجاحات كبيرة خلال السنوات الماضية، وأصبح واحداً من الملفات المهمة عالمياً لما شهده من إنجازات نوعية بمؤسسات الدولة وما حققته الإمارات من نقلة نوعية في تصنيفها بمؤشرات التنافسية العالمية، فضلاً عن مساهماتها الملموسة في الجهود الدولية الرامية لدعم وتمكين المرأة، تحقيقاً للهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة بشأن التوازن بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات.
وتم تحقيق هذه الإنجازات المحلية والإقليمية والعالمية نتيجة للدعم الذي تقدمه القيادة الرشيدة، وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات» للتوازن بين الجنسين، ترسيخاً للنهج الداعم للمرأة الذي أرساه المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والجهود الكبيرة التي قام بها مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين منذ تأسيسه عام 2015 كجهة حكومية اتحادية معنية بتقليص الفجوة بين الجنسين بكافة قطاعات الدولة، وتعزيز تنافسيتها عالمياً في هذا الملف.
رؤية استشرافية
وأعربت حرم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، رئيسة مؤسسة دبي للمرأة، عن اعتزازها بهذه الإنجازات، مؤكدةً سموها أن وراءها دعم لا محدود ورؤية استشرافية للقيادة الرشيدة بأن تأخذ الإمارات مكانتها بين الدول الرائدة عالمياً في هذا الملف الحيوي بما يتناسب والنجاحات والمكاسب الكبيرة التي حققتها المرأة في دولة الإمارات على مدى نصف قرن، حيث رسخ دستور الدولة والتشريعات القانونية والسياسات مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق والواجبات، وأتاح للمرأة نفس فرص العمل وتقلد جميع المناصب.
ثقافة مؤسسية وإنجازات عالمية
وأكدت سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد أن هذه الجهود نتج عنها تحول مفهوم التوازن بين الجنسين إلى عمل مؤسسي على مستوى الدولة، وتحقيق نقلة نوعية في ترتيب الإمارات بمؤشرات التنافسية العالمية، حيث تقدمت إلى المركز الثامن عشر عالمياً، والأول عربياً بمؤشر المساواة بين الجنسين التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في نسخة عام 2020 بعد أن كانت في المرتبة الـ 49 عالمياً بهذا المؤشر عام 2015، محققةً قفزة نوعية بمعدل 31 مركزاً خلال 5 سنوات فقط، كما جاءت في المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتقرير «المرأة وأنشطة الأعمال والقانون» في نسختي 2021 و2022، الصادر عن البنك الدولي، والذي يرصد جهود الحكومات حول العالم فيما يتعلق بوضع القوانين والتشريعات الرامية لحماية وتمكين المرأة اقتصادياً، كما حققت العلامة الكاملة (100 نقطة) في 5 محاور رئيسية بهذا التقرير هي: حرية التنقل، وأماكن العمل، الأجور، ريادة الأعمال، والمعاش التقاعدي.
وحققت المركز الأول عربياً في تقرير الفجوة بين الجنسين عامي 2021 و2022، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، وجاءت في المركز الأول عالمياً في 4 مؤشرات فرعية بهذا التقرير الدولي الهام، هي: التمثيل البرلماني للمرأة، ومعدل الإلمام بالقراءة والكتابة، ونسبة النوع الاجتماعي عند الولادة، ومعدل التحاق الفتيات بالتعليم الابتدائي، وتصدرت الإمارات دول العالم في مؤشر نسبة تمثيل الإناث في البرلمان لعامي 2020 و2021 ضمن التقرير العالمي للتنافسية، الصادر عن معهد التنمية الإدارية بسويسرا، حيث تبلغ نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان) 50%، كما جاءت في المركز الأول عالمياً في مؤشر غياب الفجوة بين الجنسين في الالتحاق بالتعليم الثانوي، ضمن تقرير رأس المال البشري 2017، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. وتصدرت الدول العربية في تمثيل المرأة بمراكز صنع القرار والمناصب القيادية والعليا وفقاً لتقرير مشاركة النساء العربيات في مراكز صنع القرار، الصادر في يوليو 2021 عن «مجلس العلاقات الخارجية»، وهو منظمة غير حكومية تُعنى بالأبحاث والدراسات ومقره نيويورك.
أولوية
وقالت سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، إن «استراتيجية التوازن بين الجنسين في دولة الإمارات العربية المتحدة 2022 – 2026» تهدف إلى تحقيق ريادة الإمارات وتأثيرها عالمياً في هذا الملف، وتعزيز حضور المرأة في المناصب القيادية والقطاع الاقتصادي، مؤكدةً أن التوازن بين الجنسين هو أولوية في نهج ورؤية دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
كما أشادت سموها بالرعاية التي توليها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك للمرأة أسرياً واجتماعياً وتعليمياً ومهنياً على مدى نصف قرن، ما أدى إلى الوصول بالتوازن بين الجنسين وتكافؤ الفرص بين الجميع في الدولة إلى هذا المستوى المتقدم من النجاح، وأصبحت معه الإمارات نموذجاً إقليمياً يحتذى به.
تشريعات التوازن
وبتكليف من مجلس الوزراء، عمل مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين منذ عام 2019 ضمن فريق عمل ضم وزارات وجهات اتحادية على مراجعة التشريعات والسياسات المتعلقة بالمرأة وتحديثها واقتراح تشريعات جديدة لتعزيز التوازن بين الجنسين في مجال العمل وسد أي فجوات بالمؤشرات العالمية، وأثمرت جهود هذا العمل الجماعي عن إصدار قوانين وسياسات جديدة وتحسينات تشريعية لأكثر من 20 مادة قانونية خلال ثلاث سنوات، شملت مجالات العمل والحماية والمشاركة السياسية والأحوال الشخصية والسلك القضائي والأجور والمعاملات المصرفية وحرية التنقل والزواج وريادة الأعمال والممتلكات والمعاش التقاعدي.
تقرير التوازن لغد أفضل
وضمن أنشطته الفعالية في «إكسبو 2020 دبي»، أطلق المجلس تقرير «التوازن لغدٍ أفضل.. رؤى شاملة حول التوازن بين الجنسين في دولة الإمارات العربية المتحدة»، بهدف تعزيز الوعي بمفهوم التوازن بين الجنسين في الإمارات، وتسليط الضوء على مسيرة التوازن بين الجنسين وما تحقق من إنجازات منذ تأسيس الدولة واستكشاف فرص تعزيز تنافسيتها عالمياً، من خلال تركيزه على 3 محاور رئيسية هي الاقتصاد، والمجتمع، والحياة السياسية.
المرأة في مجالس الإدارة
وضمن أنشطته بمنتدى المرأة العالمي – دبي 2020 الذي نظمته مؤسسة دبي للمرأة، أطلق المجلس «الدليل الاسترشادي لترشح ودخول المرأة لمجالس الإدارة»، بالتعاون مع الهيئة الأوراق المالية والسلع، ضمن جهوده الرامية لزيادة تمثيل المرأة في المناصب القيادية ومراكز صنع القرار بالقطاعين الحكومي والخاص، لما لذلك من تأثيرات إيجابية عديدة أكدتها الكثير من التجارب والدراسات المتخصصة. ويعزز هذا الدليل جهود مؤسسات الدولة في تنفيذ قرار مجلس الوزراء عام 2012 بتمثيل العنصر النسائي في مجالس إدارة الهيئات والمؤسسات الحكومية، حيث كانت الإمارات أول دولة في المنطقة وثاني دولة في العالم بعد النرويج تصدر تشريعاً ملزماً بهذا الخصوص، كما أصدرت هيئة الأوراق والمالية والسلع قراراً للشركات المساهمة العامة المدرجة في أسواق المال برفع نسبة تمثيل المرأة في مجالس إداراتها، وأدت هذه الجهود إلى ارتفاع نسبة تمثيل المرأة في عضوية مجالس إدارة الجهات الحكومية الاتحادية إلى 24%، وإلى 19.8% بمجالس إدارة غرف التجارة والصناعة في الدولة.
تعهد تسريع التوازن في القطاع الخاص
وتفاعلاً مع جهود مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، أعلن المجلس الاستشاري للقطاع الخاص بشأن أهداف التنمية المستدامة عن تطوير تعهد طوعي يقضي برفع نسبة مشاركة المرأة في المناصب القيادية بالقطاع الخاص إلى 30% بحلول عام 2025، من خلال تطبيق سياسات فعالة وبرامج ومبادرات نوعية تواكب ما تم تحقيقه في القطاع الحكومي، وتمت هذه المبادرة بالتعاون مع مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين واللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة وانضمت 24 شركة وطنية وعالمية رائدة في مجالات متنوعة بالدولة إلى هذه المبادرة التي تعتبر الأولى من نوعها للقطاع الخاص على المستوى العالمي، وتهدف لتسريع تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة، كما تعكس التزام القطاع الخاص.
مبادرات محلية
تطرقت سمو رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين إلى أهم المشاريع التي نفذها المجلس منذ تأسيسه، ومنها «دليل التوازن بين الجنسين: خطوات عملية للمؤسسات في الإمارات العربية المتحدة» الذي تم تطويره بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كأول دليل من نوعه على مستوى العالم لدعم التوازن بين الجنسين في بيئة العمل، من خلال أطر ومعايير وإجراءات موضوعة بمعايير عالمية، تساعد جهات العمل على تهيئة البيئة الملائمة والداعمة للتوازن ومعالجة الفجوات.
كما تم تطوير وإطلاق «مؤشر التوازن بين الجنسين»، بالتعاون مع مكتب رئاسة مجلس الوزراء في وزارة شؤون مجلس الوزراء، وقد تبنت حكومة الإمارات هذا المؤشر الذي اعتمد على أفضل الممارسات العالمية مع مراعاة خصوصية الدولة، وأدرجته ضمن المؤشرات الوطنية الرئيسية. ويتم سنوياً تكريم الفائزين بهذا المؤشر من الشخصيات والمبادرات والجهات الداعمة للتوازن، حيث يشمل 3 فئات هي: أفضل شخصية داعمة للتوازن بين الجنسين، وأفضل جهة حكومية اتحادية داعمة للتوازن (على مستوى الوزارات وعلى مستوى الهيئات والمؤسسات الاتحادية)، وأفضل مبادرة لدعم التوازن.
وأعلنت سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم أنه سيتم تطبيق هذا المؤشر قريباً على مستوى الحكومات المحلية بعد النجاح الكبير والتأثير الملموس لتطبيقه على المستوى الاتحادي منذ عام 2017 والذي شكل حافزاً للجهات الحكومية لتطبيق سياسات ومبادرات داعمة للنوع الاجتماعي في بيئة العمل، وسيكون من شأن الخطوة الجديدة دور مهم في تعزيز تنافسية الإمارات عالمياً.
شراكات
انطلاقاً من النهج الدائم لدولة الإمارات في دعم الجهود الدولية الرامية لتعزيز المشاركة الاقتصادية والاجتماعية للمرأة والتزام الدولة بأهداف التنمية المستدامة، نجح مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين في بناء وتعزيز شراكات عالمية مؤثرة مع كثير من الدول والمنظمات العالمية صاحبة الخبرات المميزة في سياسات التوازن بين الجنسين، مثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وصندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبي، مع مراعاة أفضل الممارسات العالمية، نتج عنها إطلاق مشاريع مشتركة ذات تأثير ملموس على المستويين المحلي والعالمي.
فقد استضاف المجلس عام 2017، اجتماع لجنة الأمين العام للأمم المتحدة رفيعة المستوى بشأن التمكين الاقتصادي للمرأة، في أول انعقاد لهذه الجنة الدولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأشرف على ورشة عمل متخصصة خلال القمة العالمية للحكومات بدبي في فبراير 2017، لبحث سبل تسريع تنفيذ الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة. وأطلق في نفس العام مبادرة «حلقات التوازن العالمية»، كمنصة ملهمة لتعزيز الحوار العالمي حول أفضل السياسات الداعمة للتوازن بين الجنسين على كافة المستويات وتسريع وتيرة العمل لتحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة، ونظم في إطار هذه المبادرة 5 حلقات توازن عالمية في كل من نيويورك وواشنطن (2017)، وبروكسل (2018) ودبي (ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات 2019)، فيما عُقدت حلقة التوازن العالمية الخامسة في شهر مارس 2021 عبر «الإنترنت» على هامش اجتماعات الدورة 65 للجنة وضع المرأة (CSW65)، التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، وناقشت هذه الحلقات العديد من القضايا وأفضل السياسات الداعمة للتوازن بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة.
وضمن هذه الجهود، عقد المجلس ورشة عمل بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ضمن فعاليات منتدى المرأة العالمي – دبي 2020، لبحث سبل تطوير مجموعة أدوات لأفضل الممارسات العالمية في التوازن بين الجنسين ودعم المرأة.
نموذج عالمي
أكدت سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم أن المجلس سيواصل جهوده ومشاريعه النوعية بما يحقق الرؤية التي تتضمنها استراتيجية الإمارات 2022-2026 بأن تكون الإمارات نموذجاً عالمياً للتوازن بين الجنسين، وبما يحقق ريادة الدولة وتأثيرها العالمي في هذا الملف الهام، مشيرةً سموها إلى أن هذه الاستراتيجية تتضمن 4 ركائز وأهداف رئيسية هي: المشاركة الاقتصادية وريادة الأعمال والشمول المالي، والرفاه وجودة الحياة، والحماية، والقيادة والشراكات العالمية، يسعى المجلس من خلالها إلى استشراف آفاق جديدة والانتقال من مرحلة سد الفجوات إلى مرحلة وضع الدولة كمُصّدِر لأفضل ممارسات التوازن بين الجنسين، وأكدت سموها أن هذه الأهداف الوطنية ستتحقق بتضافر الجهود الحكومية والمجتمعية من خلال زيادة التوعية بالتوازن بين الجنسين ومردوده الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وإطلاق مبادرات نوعية في مختلف المجالات بالقطاعين الحكومي والخاص.