أوقفت السلطات الإيرانية أكثر من 1200 متظاهر، وفق ما أعلن مسؤولون الاثنين (26 أيلول/سبتمبر 2022)، خلال التظاهرات التي تواصلت لليلة العاشرة احتجاجًا على وفاة الشابة مهسا أميني أثناء توقيفها لدى “شرطة الأخلاق”. ونشرت السلطات عددًا كبيرًا من عناصر الأمن في مواجهة تظاهرات في كافة أنحاء البلاد اندلعت إثر وفاة الشابة الكردية البالغة 22 عاما بعدما بقيت ثلاثة أيام في غيبوبة عقب توقيفها في العاصمة الإيرانية بسبب “لباسها غير المحتشم”.
وخرج متظاهرون غاضبون إلى شوارع مدن في أنحاء إيران ليل الأحد/الاثنين، وأطلق محتجون في طهران شعارات مناهضة للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي (83 عاما) وهتفوا “الموت للدكتاتور”، على ما أظهر تسجيل نشرته منظمة “إيران هيومن رايتس” غير الحكومية ومقرها في أوسلو. وردد المتظاهرون شعارات مثل “امرأة، حياة، حرية” وأحرقت نساء إيرانيات أغطية الرأس وقامت بعضهن بقص شعرهن دلالة على احتجاجهن على قواعد اللباس الصارمة.
قام عناصر شرطة مكافحة الشغب الذين كانوا يحملون دروعًا بضرب المتظاهرين بالهراوات، ومزّق طلاب صورًا كبيرة للمرشد الأعلى وسلفه آية الله روح الله الخميني، وفق ما أظهرت مشاهد بثّتها وكالة فرانس برس مؤخرًا. وأفادت منظمة “إيران هيومن رايتس” الأحد عن مقتل 57 متظاهرا على الأقل لكنها أشارت إلى أن تغطيتها محدودة بسبب حجب الانترنت وحظر خدمات واتساب وإنستغرام، وقبلهما فيسبوك وتويتر وتيك توك وسواها، لكن السلطات الإيرانية قالت إن عدد القتلى من المتظاهرين والشرطة بلغ 41 قتيلا.
منظمة “إيران هيومن رايتس” غير الحكومية التي تتخذ من النروج مقرا لها، نشرت اليوم آخر إحصائية وقالت إن عدد القتلى أرتفع إلى 76 شخصا على الأقل.
لم يكن ممكنا التأكد من صحة هذه المعطيات من مصادر مستقلة ومحايدة.
إيقاف أكثر من 1200 شخص
وارتفع العدد الإجمالي الرسمي للموقوفين إلى أكثر من 1200، وفق ما أفادت وسائل إعلام رسمية نقلًا عن مصادر عديدة، بما في ذلك 450 في محافظة مازندران الشمالية و700 شخص في محافظة غيلان المجاورة والعشرات في مناطق أخرى. وقال المدعي العام في المحافظة محمد كريمي وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، إن “في الأيام الأخيرة هاجم مثيرو شغب مقار إدارات حكومية وألحقوا أضرارا بممتلكات عامة في بعض مناطق مازندران بتوجيه من عملاء أجانب مناهضين للثورة”.
رغم القيود الصارمة على الإنترنت بما في ذلك حجب انستغرام وواتساب، أظهرت مقاطع فيديو جديدة تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجات ليل الأحد في طهران ومدن بما فيها يزد وأصفهان وبوشهر المطلة على الخليج. وقالت منظمة هنكاو الكردية الحقوقية ومقرها النروج، إن تظاهرة نُظمت في بلدة سقز مسقط رأس أميني، “على الرغم من الوجود العسكري الكثيف”. وأفادت تقارير عن نقل فتاة تبلغ عشرة أعوام إلى المستشفى بعد إصابتها بإطلاق نار في بلدة بوكان الشمالية.
ونشرت وكالة “تسنيم” للأنباء الاثنين حوالي عشرين صورة لمتظاهرين بينهم نساء في شوارع عدة في مدينة قم الواقعة على بعد حوالي 150 كيلومترا جنوب العاصمة. وذكرت تقارير أخرى أن طلابًا في جامعات طهران والزهراء والشريف نفّذوا إضرابًا ورفضوا حضور الصفوف ودعوا أساتذتهم للانضمام إليهم.
الاتحاد الأوروبي يندد بالاستخدام “غير المتكافئ والمعمم” للقوة
وانتقد الاتحاد الأوروبي إيران وقال إن “الاستخدام غير المتكافئ للقوة في حق المتظاهرين مرفوض وغير مبرر”، على ما جاء في بيان لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل.
وقال بوريل إن الاتحاد الأوروبي “سيواصل درس كل الخيارات المتاحة قبل الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية إزاء وفاة مهسا أميني والطريقة التي ترد فيها القوى الأمنية الإيرانية على التظاهرات التي تلت”، في البلد الذي فرضت عليه عقوبات على خلفية برنامجه النووي.
ألمانيا تستدعي السفير الإيراني
واستدعت الحكومة الألمانية سفير إيران في برلين بعد ظهر الاثنين “لمباحثات” بشأن قمع الاحتجاجات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستيان فاغنر في مؤتمر صحافي دوري “استدعينا السفير الإيراني، وستجرى المباحثات بعد ظهر اليوم” الاثنين.
و طالبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك اليوم الاثنين بفرض عقوبات جديدة على طهران وقالت “في دائرة الاتحاد الأوروبي سيتعين علينا الآن التحدث
على نحو عاجل للغاية عن مزيد من العواقب، والتي تشمل بالنسبة لي أيضا عقوبات ضد مسؤولين… محاولة قمع الاحتجاجات السلمية بعنف أكثر فتكا يجب ألا تمر دون رد”.
من جانبها، استدعت طهران الأحد السفير البريطاني للاحتجاج على ما وصفته بأنه “تحريض على أعمال شغب” تنتهجه شبكة “بي.بي.سي فارسي” التي تبث بالفارسي ومقرها لندن. كذلك استدعت سفير النروج على خلفية “تصريحات غير بناءة” أدلى بها رئيس البرلمان النروجي على خلفية التظاهرات في الجمهورية الإسلامية.
وحيا الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي المتظاهرين وأكد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة “التضامن مع نساء إيران الشجاعات اللواتي يتظاهرن من أجل ضمان حقوقهن الأساسية”.
وأعلن رئيس وزراء كندا جاستن ترودو اليوم إن بلاده ستفرض عقوبات على من يتحملون المسؤولية عن وفاة أميني ومن بينهم شرطة الأخلاق وقيادتها. وقال ترودو للصحفيين في أوتاوا “عهدنا إيران لا مبالية بحقوق الإنسان المرة تلو الأخرى. الآن نراها (على تلك الشاكلة) بعد
وفاة مهسا أميني والحملة على الاحتجاجات”.
طهران ترفض الانتقادات الأوروبية
من جانبه، انتقد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني تصريحات لمسؤولين أوروبيين وأمريكيين بشأن أعمال الشغب الأخيرة في بلاده، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية (ارنا). وقال كنعاني: “لا شك أن الحرب المعرفية والمشتركة التي شنها الغرب ضد الشعب الإيراني ستسجل في التاريخ باعتبارها فشلا آخر هذه المرة ايضا كسابقاتها”، بحسب الوكالة الإيرانية.
وقال مسؤولون قضائيون إن الشخصيات الإيرانية البارزة في مجال السينما أو الرياضة سوف يواجهون دعاوى قضائية في حال أعربوا عن تضامنهم مع المظاهرات. ولايزال عدد المقبوض عليهم خلال الأيام التسعة الماضية غير معروف، وجرى تسجيل أكثر من ألف عملية اعتقال في شمال البلاد، وهناك مخاوف أن آلافا آخرين احتجزوا عبر البلاد.
تضرر الاقتصاد الإيراني من انقطاع الإنترنت
وفي إيران، ذكرت بوابة “تجارت نيوز” الإخبارية أن قطع الانترنت يؤثر بشدة على اقتصاد البلاد وعلى دخل أكثر من عشرة ملايين شخص. وتحولت الكثير من أوجه النشاط التجاري في البلاد إلى الإنترنت ردا على جائحة كورونا، مستغلة شبكات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وواتس آب لإجراء أعمال تجارية ما أدى إلى ازدهار المبيعات عبر الإنترنت.
ز.أ.ب/ع.ب.ج (أ ف ب، د ب أ)