انظر يمينك. أنظر يسارك. تكنولوجيا في كل مكان حيث أصبح كوكب الأرض معتمدًا بشكل أساسي على التكنولوجيا وشبكة الإنترنت بل وأصبحت حياتنا اليومية معتمدة بشكل كلي على الإنترنت فهناك من يعمل على الإنترنت وهناك من يدرس عليه. لكن هل فكرت يومًا يا صديقي العزيز في أضرار هذه الشبكة العنكبوتية العملاقة التي تحيط بكوكب الأرض وأضرار التكنولوجيا بشكل عام، وكيف يمكن أن يكونا سببًا في تدمير حياتنًا إذا ما وقعا في الأيدي الخطأ وسيطرا على حياتنا ؟ نعم ربما تضم شبكة الإنترنت العديد من الأشياء المضرة لكنها ليست مؤثرة على حياتنا بشكل كبير لكني أقصد التأثير الكبير للتكنولوجيا والانترنت إذا ما وقعا في أيدي أشخاص يعملون في الخفاء ولا نعلم عنهم شيئًا، ماذا إن قلت لك أن هناك لعبة فيديو قامت بمحاكاة الضرر الكبير الذي يمكن أن يسببه الإنترنت والتكنولوجيا إذا ما سيطرا على كل مناحي الحياة، هذه اللعبة هي Watch Dogs وسيكون حديثنا عنها اليوم في هذا المقال.
لعبة Watch Dogs قدمت فكرة ثورية لم نشهد وجود لعبة فيديو بنفس فكرتها من قبل في صناعة ألعاب الفيديو، وتلك الفكرة كانت تقديم لعبة تتحدث حول سيطرة الـ Hackers أو كما يمكننا تسميتهم بقراصنة الإنترنت بل واللعب أيضًا بهؤلاء القراصنة. نجحت Watch Dogs بالفعل في تقديم تلك الفكرة بشكل رائع بالرغم من أنها لم تلقى رواجاً وسط مجتمع اللاعبين حتى يومنا الحالي، ربما بسبب تقليل مستوى الرسوميات عكس ما وعدتنا به Ubisoft قبل صدور اللعبة، لكن الرسوميات ليست كل شيء حتى أن اللعبة ما زالت تقدم مستوى رسومي جيد حتى الآن. في هذا المقال سنغوص في عالم Watch Dogs ونتحدث بشكل تفصيلي عن عناصرها وكيف استطاعت الإسقاط على تأثير الإنترنت والتكنولوجيا السلبي إذا ما سيطرا على كل مناحي الحياة، فهيا بنا لنغوص سويًا في عالم Watch Dogs.
واحدة من أجمل قصص الإنتقام تقع في عالم Watch Dogs
بعد يوم طويل وشاق في العمل اذهب للبيت ومن ثم أذهب للنوم، لكن أصبح النوم كابوسًا بالنسبة لي فهو يذكرني بالكابوس الأكبر الذي صنعته بيدي هاتين، الكابوس الذي جعلني أفقد أحد أفراد عائلتي وما زال يلاحقني حتى الآن؛ وبسبب هذا الكابوس أصبح كل ما يفكر به عقلي هو الانتقام بالرغم من أنه لن يعيد لي ما فقدته لكني لا أستطيع سوى معرفة من تسبب في صناعة هذا الكابوس المريع.
هذا هو Aiden Pearce الذي يعمل كواحد من قراصنة الإنترنت وهذه هي حياته التي لا يستطيع تغييرها. بدأت حياة Aiden Pearce بالتغير منذ مشاركته في عملية اختراق في عام 2012 لفندق Merlaut التابع لرجل الأعمال Dermot Quinn أو كما يعرف بـ Lucky Quinn برفقة صديقه وشريكه في العمل Damien Brenks، وذلك من أجل اختراق الحسابات المصرفية للأشخاص المتواجدين في ذلك الفندق، بعد سحب ما يقارب 100 الف دولار. تم اكتشاف كلاً من Aiden و Damien، وبعدها بفترة استأجر Lucky Quinn قاتل محترف يدعى Maurice Vega من أجل إخافة Aiden Pearce وبالفعل فقد أطلق النار على إطارات سيارته وانقلبت السيارة وعلى إثر هذه الحادثة قُتِلت Lena Pearce ابنة أخته، لكن ذلك القاتل لم يكن يعرف أنه سيواجه وحش لن يمنعه أي شيء من تحقيق هدفه ألا وهو الانتقام.
بعد مرور قرابة العام على تلك الحادثة تتبع Aiden Pearce القاتل المحترف الذي يدعى Maurice Vega حيث كان في أحد الملاعب وقام بالهجوم عليه واستجوابه من أجل معرفة من كان وراء كل هذا الأمر لكنه لم يدلي بأي شيء، وقام Aiden Pearce بأخذه إلى مكان آخر لاستكمال عملية الاستجواب.
تأخذك Watch Dogs من بدايتها وحتى نهايتها في رحلة مثيرة ورائعة مليئة بالاحداث الدرامية، حيث تسرد لك رحلة انتقام Aiden Pearce وسعيه وراء معرفة الحقيقة الكاملة وراء ما حدث، طوال اللعبة سيكون المتسبب الرئيسي في موت Lena Pearce أمامك طوال الوقت ألا وهو رجل الأعمال Dermot Quinn لكن اللعبة لا تخبرك بذلك وتدعك تستكشف ذلك بنفسك.
أما أحد أقوى عناصر لعبة Watch Dogs فهي تتعلق بشخصيتنا الرئيسية Aiden Pearce، فمنذ تلك الحادثة تغير إيدن كثيرًا ولم يعد يفهم نفسه وحتى أن أخته Nicole Pearce واقرب الناس إليه لم تعد تفهمه ولم تعد تعرف الكثير عنه منذ ذلك الحين، فيبدو أن الإنتقام اعمى بصيرته وجعله لا يفكر في شيء أخر سواه وكأنه سيعيد له ما فقده، وفي سبيل الانتقام قام بتكرار نفس الخطأ مجددًا وقام بتوريط أصدقائه والأشخاص المقربين له في هذا الأمر وجعلهم عرضة للخطر.
قد تعتقد أن قصة Watch Dogs ما هي إلا مجرد قصة إنتقام، من شخص يبحث عن المتسبب في قتل أحد أفراد عائلته، لكن دعني أخبرك أنك مخطئ يا صديقي العزيز، فهي قصة انتقام بالفعل لكنها تحمل في طياتها العديد من اللحظات الدرامية والمثيرة التي تجعلها واحدة من أفضل قصص الإنتقام في عالم الألعاب، وإذا أردت الحديث بشكل مفصل عن قصة Watch Dogs فلن يكفيني اليوم بطوله، ولا أريد أن أحرق عليك، لذا قم بتجربتها واستكشف هذه القصة المثيرة فهي تستحق بالفعل.
كيف قدم أسلوب Watch Dogs طفرة بين ألعاب العالم المفتوح ؟
بما أن Watch Dogs لعبة تتحدث عن قرصان إنترنت والذي يعمل بعيداً عن مرأى ومسمع الجميع بالمناسبة، فمن المنطقي أن تعتمد اللعبة على التسلل وهو ما حدث بالفعل في اللعبة، فلقد اعتمدت Watch Dogs في معظم فتراتها على التسلل أو التخفي بشكل كبير، فيمكن اعتبارها هي Assassin’s Creed الحاضر، لكن هل قدمت اللعبة أي شيء جديد يجعلها تتميز عن باقي ألعاب العالم المفتوح ؟
من أكثر الأشياء التي ميزت لعبة Watch Dogs عن أي لعبة عالم مفتوح حتى يومنا الحالي هي أسلوب اللعب، حيث قدمت طفرة جعلت أسلوب اللعب يتميز عن أي لعبة أخرى من نفس النوع، يجمع أسلوب اللعب بين القتال المباشر بالأيدي وبالأسلحة النارية أو التسلل واختراق الأشياء مثل إشارات المرور والبوابات والكاميرات والمزيد. بينما تقدم اللعبة شجرة مهارات عملاقة تنقسم بين Hacking الاختراق و القيادة Driving و القتال Combat وأخيرًا Crafted Items، كل هذه الأقسام تقدم مهارات متنوعة تجعل أسلوب اللعب ممتع للغاية.
يمكنك الاختيار في اللعبة بين القتال المباشر بالأيدي والأسلحة النارية ولكن إن أفرطت في استخدامهم خاصةً أمام أعين الناس فقد يخلق صورة سيئة لإيدن أمام وسائل الإعلام ويبدأ الناس في الإبلاغ عنك كلما رأوك، أو يمكنك اختيار الشيء الأفضل ألا وهو التسلل وإخراج مهارات المخترق التي تمتلكها من جعبتك لكي تصل إلى هدفك المراد، للتسلل متعة خاصة في Watch Dogs حيث أن مهارات المخترق ممتعة للغاية فيمكنك مثلا قطع التيار الكهربائي لبعض الوقت لتقوم بقتل بعض الأعداء بدون أن يشعروا بك أو يمكنك استخدام الكاميرات وقتل الأعداء بدون أن يعلموا من الفاعل وستجد متعة في رؤيتهم مرتابين ولا يعرفون ما الذي يحدث، هذا فقط نبذة عن ما يقدمه القتال إلا أنك تستطيع فعل أكثر من ذلك بكثير.
نأتي الآن الجزء الأمتع ألا وهو مطاردات الشرطة، فكأي لعبة عالم مفتوحة من نفس النوع ستجد مطاردات الشرطة بالطبع لكن هنا تم تقديم شيء عجزت سلسلة GTA على تقديمه، ألا وهو التخفي بالسيارة نعم كما سمعت يا صديقي، حيث تم إضافة طرق جديدة للهروب من الشرطة إذا كانوا يطاردونك، فيمكنك الوقوف في أي مكان مظلم وإغلاق السيارة وانتظار الوقت المناسب حتى تخرج من مكانك، لكن ماذا إن عثروا عليك ؟
حسنًا لا داعي للقلق فإن خرجت من المخبأ الخاص بك في وقت غير مناسب وعثروا عليك فيمكنك الهروب منهم باستخدام مهارات المخترق للتخلص منهم فيمكنك تعطيل طائرات الهليكوبتر أو تعطيل الشوارع أمام الشرطة من خلال إغلاق البوابات أو فتح الحواجز وإشارات المرور وهو ما سيسمح لك بتعطيلهم لبعض الوقت ولما لا الهروب منهم.
وأما عن الإختراق أو الـ Hacking أثناء تجولك في شوارع مدينة شيكاغو فيمكنك اختراق الناس في الشوارع والتجسس على المكالمات الخاصة بهم أو الرسائل النصية أو حتى اختراق حساباتهم البنكية لكن احذر فقد يقوم المواطنون بكشفك والاتصال بالشرطة، وبينما أن جميع لاعبي Watch Dogs متصلين ببعضهم البعض عبر الشبكة فقد يقوم أحد اللاعبين باختراقك أو يمكنك فعل العكس، وبينما يري اللاعبين المتصلين عبر الشبكة أنفسهم على أنهم Aiden Pearce إلا أنك ستراهم في شكل مواطنين والعكس صحيح، مما يجعلك تشك في أن جميع المواطنين أو NPCs ما هم إلا لاعبين مثلك متصلين عبر الإنترنت.
نعم أسلوب اللعب هو الجزء الأمتع في لعبة Watch Dogs وعلى الرغم من مرور 8 سنوات تقريبا على صدور اللعبة فهي مازالت تقدم أسلوب لعب عصري سيجعلك مستمتع بكل لحظة تقضيها بداخل اللعبة.
كيف سيكون شكل العالم إذا ما سيطرت التكنولوجيا على كل مناحي الحياة ؟
مع أول نظرة على عالم Watch Dogs ستجد أنه عالم تسيطر عليه التكنولوجيا وشبكة الإنترنت بشكل كبير وبما أن عالم اللعبة تسيطر عليه التكنولوجيا فقد قامت Watch Dogs بالاسقاط على تأثير التكنولوجيا وشبكة الإنترنت إذا ما سيطرا على كل مجالات الحياة. تقع أحداث اللعبة في مدينة شيكاغو حيث يحيط بهذه المدينة حاسوب عملاق يدعى CTOS -نظام التشغيل المركزي- يتصل بكل شيء وكل قطعة تقنية في المدينة بما في ذلك البنوك وإشارات المرور وكاميرات المراقبة بل وحتى بيانات جميع السكان في المدينة، لكن أصبح الجميع يسعى لاختراق ذلك الحاسوب العملاق للوصول إلى كل شيء في المدينة بما في ذلك تلك البيانات.
مع سيطرة التكنولوجيا على كل شبر في مدينة شيكاغو فلقد استغلت Watch Dogs هذا الأمر وأسقطت بشكل رائع على تأثير التكنولوجيا والانترنت على العالم بشكل عام وحياتنا بشكل خاص وبدون الخروج عن إطار أحداث اللعبة، لقد تحول العالم إلى حرب معلومات الجميع يسعى لاختراق CTOS من أجل السيطرة على كل شيء تقني في المدينة والحصول على المعلومات بل ويحاربون بعضهم البعض بها، بما فيهم بطل اللعبة Aiden Pearce الذي يسعى للحصول على تلك المعلومات من أجل إكمال انتقامه وسعيه وراء معرفة الحقيقة.
تضعك اللعبة أما سؤال “من الذي يسيطر على تلك البيانات والمعلومات ومن له الحق في الاطلاع عليها ؟” مع تقدمك في Watch Dogs ستكتشف أن تلك المعلومات والبيانات المتصلة بنظام CTOS هي ملك لأناس سيئين لا يملكون الحق في الاطلاع على تلك المعلومات والبيانات، بل وحتى ستعلم أنهم يقومون بتداول تلك البيانات في بعض الأوقات من أجل الحصول على المعلومات.
سكان المدينة لا يعلمون بأن بياناتهم السرية -بالأحرى الغير سرية- يتم المتاجرة بها والصراع من أجل الحصول عليها، وهذا طبيعي فلقد قامت شركة Blume Corporation المصنعة لنظام CTOS بإقناعهم بأن بياناتهم ستكون بأمان مع حاسوبهم العملاق، لكن دائمًا ما تكمن هناك حقيقة مخفية عن مرأى ومسمع الجميع وصراعات تحدث بالخفاء في أجل الحصول على بيانات المواطنين التي تعد بمثابة كنز لهؤلاء المتخفيين في الظلال.
هذا الأمر يحدث في حياتنا الواقعية، بياناتنا معلوماتنا الشخصية هي ملك لأناس يعملون في الظلال ولا يظهرون ابداً ولا نعرف من هم، لكن يكفي أن نعرف أن بياناتنا يسيطر عليها الفاسدين وليست ملكنا كما نظن، فنحن نعيش في عالم تسيطر عليه التكنولوجيا وشبكة الإنترنت وهذا هو التأثير الحقيقي وراء التكنولوجيا لكننا لا نعرف الحقيقة الكامنة وراء الأمر. لقد نجحت بالفعل Watch Dogs في الإسقاط على تأثير التكنولوجيا وشبكة الإنترنت على حياتنا ونجحت في الإجابة عن سؤالنا -ماذا سيحدث إن سيطرت التكنولوجيا على كل مناحي الحياة؟- مع تقديم قصة مميزة درامية ستبقى عالقة في ذهنك وأسلوب لعب قدم طفرة في ألعاب العالم المفتوح.
Watch Dogs تستحق أن تقضي فيها وقتك بالفعل، لكنها للأسف ظلمت من قبل الجميع لا أعلم لماذا لكن ما أعلمه أنها تستحق فرصة ثانية من اللاعبين، حتى بعد مرور 8 سنوات ؟ نعم حتى بعد مرور 8 أعوام، وإذا لم تقم بتجربة اللعبة فصدقني لن تندم على إتخاذ هذا القرار لأنك ستعيش تجربة فريدة.