التخطي إلى المحتوى

عاطف عبدالله (أبوظبي) تتبع الدول المُصدرة للهيدروكربونات في منطقة الخليج العربي استراتيجية مزدوجة، تتمثل في خفض الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري من خلال التشجيع على استخدام التقنيات الجديدة مثل التقاط وتخزين الكربون وإنتاج الهيدروجين الأخضر، مع العمل، في الوقت نفسه، على زيادة القدرات الإنتاجية للنفط والغاز لتلبية الطلب العالمي، والحد من تقلبات الأسعار والاختناقات في الإمدادات، حسب دراسة لمركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة بأبوظبي.

وأشارت الدراسة التي أعدها د. أحمد قنديل، إلى الجهود المكثفة التي تبذلها الدول والشركات في منطقة الخليج العربي الغنية بالمصادر الهيدروكربونية، لمواجهة أزمة تغير المناخ في العالم، حيث أعلنت ثلاث دول خليجية، في أكتوبر 2021، أهدافاً للحياد الكربوني؛ وهي بحلول عام 2050 بالنسبة لدولة الإمارات، وبحلول عام 2060 بالنسبة لكلٍ من السعودية والبحرين. كما قدمت الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في عام 2021، بموجب اتفاقية باريس لمواجهة التغير المناخي، والتي تم التوصل إليها في عام 2015، خططاً جديدة أو مُحدثة، متوسطة الأجل للتغير المناخي، كمساهمات تم إقرارها وطنياً، وفق الدراسة. مؤتمر المناخ ورجحت أن يبقى العمل المناخي على أولوية أجندة المنطقة العربية خلال الفترة القادمة، خاصةً مع استضافة كل من مصر ودولة الإمارات قمتي الأمم المتحدة للعمل المناخي (كوب 27، وكوب 28) على التوالي في العامين الحالي والمقبل.

ونوهت بتعهدات أكبر شركة مُنتجة للنفط في العالم، وهي “أرامكو” السعودية، عن طموح الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي. وبالمثل، تعهدت شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 25% بحلول عام 2030، كما صدّرت “قطر للطاقة” شحنة غاز طبيعي مُسال خالية من الكربون إلى سنغافورة، وستدمج تكنولوجيا احتجاز الكربون في خططها التوسعية، وانضمت مؤخراً لمبادرة “استهداف الانبعاثات الصفرية لغاز الميثان”.

استراتيجية متوازنة

وقالت الدراسة إن تعيين مبعوثي شؤون المناخ في دول الخليج، يعكس الأهمية التي توليها هذه الدول للمساهمة في الجهود العالمية المُتسارعة لمواجهة التغير المناخي، كما يعكس أحد توجهات “اللغة الجديدة” في الحوار مع الدول المُتقدمة والصناعية بشأن كيفية التعامل مع أزمة المناخ العالمية، من دون إضعاف أسواق النفط والغاز. واستعرضت الدراسة الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية في التوازن بين هدفي أمن الطاقة والحرص على التعامل مع قضية التغير المناخي، “الاستراتيجية المزدوجة”، فبالتزامن مع اختيار عادل الجبير مبعوثاً لشؤون المناخ، أعلنت المملكة زيادة طاقتها الإنتاجية من النفط بأكثر من مليون برميل، مشيرة إلى أن الإنتاج سوف يتجاوز 13 مليون برميل يومياً بحلول عام 2027. الشرق الأوسط الأخضر

وأطلقت الرياض أيضاً في عام 2021 مبادرتي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، لتحسين جودة الحياة من خلال زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة، وتحييد الآثار الناتجة عن استخدام النفط، وحماية البيئة، وتضمنت المبادرتان إطلاق صندوق إقليمي لضخ استثمارات بأكثر من 10 مليارات دولار لتمويل الحلول التقنية لخفض الانبعاثات الكربونية، وتطوير الطاقات النظيفة، بالإضافة إلى زيادة حصتها من الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى 50% بحلول عام 2030، وتنفيذ أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم عبر زراعة 50 مليار شجرة، منها 10 مليارات في المملكة، كذلك أعلنت السعودية عن تأسيس “مؤسسة المبادرة الخضراء”، وهي منظمة غير ربحية تسعى إلى دعم وضمان تنفيذ أهداف المبادرتين المذكورتين.

الطاقة النظيفة

وبالنسبة لدولة الإمارات، فإنها تعتزم إضافة استثمارات بقيمة 600 مليار درهم (ما يعادل 164 مليار دولار) في مجال الطاقة النظيفة، سواء في السوق المحلي أو الدولي، وذلك في حرص واضح على التعامل مع قضية التغير المناخي. كما تعمل الدولة على إنشاء مشاريع جديدة في مجال إنتاج الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، بغية تصديره؛ مما يعزز الانتقال العالمي نحو مصادر الطاقة منخفضة الكربون. 
وخلصت الدراسة إلى أن هذه الجهود تسهم في تعزيز أمن الطاقة العالمي ودعم استقرار الأسواق، جنباً إلى جنب مع التزام دول الخليج بالأجندة الدولية لتقليص الانبعاثات الكربونية، ومواكبة الجهود الدولية للتعامل مع قضية تغير المناخ.

Scan the code