التخطي إلى المحتوى

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن علماء أوروبيون وأمريكيون يعملون لحساب وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» من رسم خريطة للمياه على كوكب المريخ، وهو ما يُشكل خطوة جديدة بالغة الأهمية في اتجاه الجهود لغزو الكوكب الأحمر واستعماره من قبل البشر، حيث يقول العلماء إن اكتشافهم الجديد سوف يُسهل عليهم مهمة اختيار المكان المناسب للهبوط على سطح كوكب المريخ.

وتُعتبر المياه واحدة من العوامل بالغة الأهمية في تحديد إمكانية الحياة على أي كوكب، بما في ذلك على سطح الكرة الأرضية، كما أن المياه تُشكل مصدراً لعدد من العناصر والصناعات المهمة التي يعتقد العلماء أنه لا غنى عنها بالنسبة للبشر عندما يستعمرون كوكب المريخ.
وقالت جريدة «دايلي ميل» في تقرير اطلعت عليه «القدس العربي» إنه تم الكشف عن أول خريطة مائية للمريخ، وهي عبارة عن مخطط مذهل يوضح موقع الرواسب المائية القديمة على الكوكب الأحمر، ويمكن أن يساعد وكالة «ناسا» في اختيار مكان الهبوط هناك في المستقبل.
وفي حين أن فكرة إرسال البشر إلى المريخ كانت في يوم من الأيام محصورة في الخيال العلمي فإن وكالة «ناسا» تأمل أن تصبح حقيقة بحلول أواخر العقد الثالث من القرن الحالي.
لكن العلماء يقولون إن أحد الأسئلة الرئيسية التي نحتاج إلى حلها قبل الانطلاق إلى الكوكب الأحمر هو مكان الهبوط، فيما يأتي الكشف عن الخريطة المائية على المريخ كأحد العوامل الهامة في الطريق نحو الإجابة على هذا السؤال.
وأنشأ علماء من وكالة الفضاء الأوروبية «ESA» أول خريطة مائية للمريخ بناءً على بيانات من مرصد «مارس إكسبرس» و«Mars Reconnaissance Orbiter» التابع لوكالة «ناسا».
ويأمل الفريق أن تغير الخريطة الطريقة التي يُفكر بها البشر بشأن ماضي المريخ المائي وأن تساعد في تحديد مكان الهبوط على الكوكب الأحمر في المستقبل.
وتُظهر الخريطة مواقع ووفرة في المعادن المائية على كوكب المريخ، فيما يشير العلماء إلى أن هذه المعادن هي من الصخور التي تم تغييرها كيميائيا بواسطة الماء في الماضي وعادة ما يتم تحويلها إلى الطين والأملاح.
وبينما قد يعتقد الناظر إلى الخريطة أن هذه المعادن المائية ستكون قليلة ومتباعدة فإن المفاجأة الكبرى هي انتشارها على كوكب المريخ، حيث كشفت الخريطة عن مئات الآلاف من هذه المناطق. وقال الدكتور جون كارتر من معهد أستروفيزيايك سباتالي: «لقد أثبت هذا العمل الآن أنه عندما تدرس التضاريس القديمة بالتفصيل، فإن عدم رؤية هذه المعادن هو في الواقع أمر غريب».
وتقول «دايلي ميل» إن السؤال الكبير، حسب العلماء، الآن هو ما إذا كانت هذه المياه مستمرة أو محصورة في نوبات أقصر وأكثر حدة، إلا أن وكالة الفضاء الأوروبية تأمل أن تكون الخريطة بمثابة أداة أفضل للإجابة على هذا السؤال.
وقال الدكتور كارتر: «أعتقد أننا قمنا بشكل جماعي بتبسيط كوكب المريخ».
وكان العلماء يميلون سابقاً إلى الاعتقاد بأنه تم تكوين أنواع قليلة فقط من المعادن الطينية على سطح المريخ خلال فترة رطوبة المريخ. ثم مع جفاف الماء تدريجياً تم إنتاج الأملاح عبر الكوكب.
ومع ذلك، تُظهر الخريطة الجديدة أن العملية كانت على الأرجح أكثر تعقيداً من ذلك بكثير.
وفي حين أن العديد من الأملاح ربما تكونت في وقت متأخر عن الطين، تُظهر الخريطة أن هناك استثناءات.
وأوضح الدكتور كارتر: «التطور من الكثير من الماء إلى عدم وجود ماء ليس واضحاً كما كنا نعتقد، لم يتوقف الماء بين عشية وضحاها».
وتابع: «نحن نرى تنوعاً هائلاً في السياقات الجيولوجية، بحيث لا يمكن لأي عملية أو جدول زمني بسيط أن يفسر تطور علم المعادن في المريخ، وهذه هي النتيجة الأولى لدراستنا. والثاني هو أنه إذا استبعدت عمليات الحياة على الأرض، فإن المريخ يعرض مجموعة متنوعة من المعادن في البيئات الجيولوجية تمامًا كما تفعل الأرض».
ولإنشاء الخريطة، استخدمت وكالة الفضاء الأوروبية بيانات من أدوات مختلفة، فعلى سبيل المثال أظهرت البيانات المأخوذة من جهاز مطياف التصوير المداري لاستطلاع المريخ التابع لوكالة ناسا «CRISM» أن فوهة جيزيرو تعرض مجموعة غنية من المعادن المائية.
ويأمل الباحثون أن تكون الخريطة مفيدة لوكالة «ناسا» لأنها تختار مكان الهبوط على المريخ في المستقبل.
وتأتي هذه الأخبار قبل مهمة «أرتيمس» التابعة لناسا، والتي من المقرر إطلاقها في 29 آب/ أغسطس الحالي، ما يمهد الطريق لمهام مستقبلية إلى القمر والمريخ.
وأضافت ناسا: «سوف يكون أرتيمس اختبار طيران غير مأهول يوفر أساساً لاستكشاف الإنسان للفضاء العميق، ويظهر التزامنا وقدرتنا على تمديد الوجود البشري إلى القمر وما بعده».
وإذا كانت مهمات «أرتميس ناجحة» فإن ناسا تهدف إلى إطلاق رواد فضاء إلى المريخ بحلول أواخر الثلاثينيات أو أوائل الأربعينيات من القرن الحالي.
يشار إلى أن كوكب المريخ الذي يسميه العلماء «الكوكب الأحمر» أصبح القفزة العملاقة التالية لاستكشاف البشرية للفضاء، ولكن قبل أن يصل البشر إلى الكوكب الأحمر سيتخذ رواد الفضاء سلسلة من الخطوات الصغيرة بالعودة إلى القمر في مهمة مدتها عام كامل، حسب ما تقول «دايلي ميل».
وتم الكشف عن تفاصيل مهمة في مدار حول القمر كجزء من الجدول الزمني للأحداث التي ستؤدي إلى بعثات إلى المريخ خلال السنوات المقبلة.
وفي أيار/مايو 2017 أوضح غريغ ويليامز، نائب المدير المساعد للسياسات والخطط في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، خطة وكالة الفضاء ذات المراحل الأربع التي تأمل أن تسمح يوماً ما للبشر بزيارة المريخ بالإضافة إلى الإطار الزمني المتوقع لها.
وستشمل المرحلة الأولى والثانية رحلات متعددة إلى الفضاء القمري، للسماح ببناء موطن يوفر منطقة انطلاق للرحلة.
وسيتم إجراء محاكاة للحياة على المريخ لمدة عام في عام 2027 حسب خطة «ناسا» أما المرحلة الثالثة والمرحلة الرابعة فسوف تبدآن بعد عام 2030 وستشمل رحلات استكشافية مستمرة للطاقم إلى نظام المريخ وسطح المريخ.

Scan the code