دبي: حمدي سعد
تشهد تجارب تسوق العلامات والمنتجات الفاخرة في الإمارات تغيرات جذرية نتيجة توجهات الجيل الجديد من المتسوقين الشباب، الأمر الذي ساهم في إعادة تعريف مفاهيم تسوق هذه المنتجات، لاسيما مع تعافي العديد من القطاعات بما فيها قطاع التجزئة بعد جائحة «كوفيد-19».
وأعطت أبرز العلامات الفاخرة ودور الأزياء العالمية جيل الشباب الجديد أهمية خاصة لتلبية متطلباتهم وتنويع طرق الوصول إليهم، للتعرف على توجهاتهم الشرائية. وتشير التوقعات إلى أن الجيل الجديد من الشباب سوف يلعب دوراً مهماً في إحداث التغييرات التي سيشهدها قطاع التجزئة في الإمارات لاسيما أنّ الفئة العمرية للشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً تمثل نحو27% من سكان الدولة.
وتعد دبي من أهم وجهات التسوق الرائدة في العالم، حيث حلت بالمركز الأول من حيث وجود كبرى العلامات التجارية العالمية فيها. فيما تُظهر الدراسات الجديدة أهمية القوة الشرائية للشباب في تحقيق مستقبل واعد لهذا القطاع.
وسعت أشهر العلامات التجارية العالمية في دبي لاستقطاب الجيل الجديد من الشباب، نظراً لأهمية المدينة كوجهة تسوق إقليمية وعالمية، حيث تمكنت من تعزيز مكانتها كإحدى أبرز وجهات التسوق المفضلة في العالم، وذلك لاحتضانها أكثر من 62% من العلامات التجارية المعروفة عالمياً، بسبب بنية المدينة التحتية متطورة في قطاع التجزئة ومراكز التسوق المتنوعة، فضلاً عن مناطق الجذب السياحي التي تثري تجارب زوارها.
ظهر مدى اهتمام العلامات التجارية الفاخرة ودور الأزياء العالمية بالتوسع في دولة الإمارات خاصة والمنطقة عامة بهدف الاستحواذ على حصة أكبر من إنفاق فئة الشباب العمرية التي تتراوح بين 15 و 29 عاماً، والتي تشكل نحو 28% من إجمالي عدد سكان المنطقة.
وتختلف توجهات جيل الشباب في اختيار ما يناسبه في عالم الأزياء والموضة والعلامات التجارية الفاخرة اختلافاً كلياً عن توجهات الأجيال السابقة، الأمر الذي يؤثر في توجهاته ضمن قطاع التجزئة في دولة الإمارات والمنطقة بشكل عام، كونها أسواقاً رئيسية لكبرى العلامات التجارية العالمية التي تستهدف أصحاب الدخل والإنفاق المرتفع. وأثبت قطاع الرفاهية في دبي قدرته على التحوّل لمواكبة أحدث المستجدات، إلا أن جيل المستهلكين الأقل عمراً يسهم في فرض تغييرات جذرية لم يشهدها قطاع الرفاهية والتسوق الراقي من قبل.
أفكار جديدة وعصرية
قال أحمد الخاجة، المدير التنفيذي ل «مؤسسة دبي للمهرجانات والتجزئة»: «تمكنت مدينة دبي من تعزيز مكانتها كوجهة عالمية للتسوق، مع استقطابها لأشهر العلامات التجارية العالمية، التي تقدم منتجات تراعي مختلف الأذواق والفئات العمرية». وأضاف، «مع نمو أعداد الجيل الجديد من الشباب في دولة الإمارات أدركت العلامات التجارية أن أذواق ومتطلبات الجيل الجديد تعد من العوامل الأساسية التي تسهم في إحداث تغيير في مفهوم التسوق، فيما حرص المصممون على تقديم أفكار جديدة وعصرية تتماشى مع أذواق هذه الفئة في أبرز الأسواق والمدن العالمية ومن ضمنها دبي».
وأشار الخاجة إلى أن دولة الإمارات ودبي تشهد نمواً في التجارة عبر الإنترنت، ويتوقع أن يكون هذا نقطة التوسع التالية لتجار التجزئة المحليين، الذين استفادوا بالفعل من النمو الهائل للتجارة الإلكترونية على مدار السنوات الماضية، خاصة خلال وبعد الجائحة.
وأوضح أن بعض العلامات التجارية الأكثر ابتكاراً في القطاع تدرك أهمية هذه الفرص لتشكيل قاعدة جماهيرية مع العملاء الأقل سناً، ومع مستهلكي الرفاهية من الشباب المقيمين في الإمارات دبي، حيث توفر المدينة فرصاً لا تضاهى لهذه العلامات التجارية للتواصل مع قاعدة العملاء سريعة النمو.
فرصة جديدة
وأضاف الخاجة «يتيح منصات التواصل الاجتماعي فرصة جديدة للعلامات التجارية الفاخرة للوصول إلى المتسوقين عبر قنوات جديدة، وبالتالي زيادة معدلات وصولهم إلى شريحة أوسع من الجمهور. ويعتقد أن دبي تشهد نمواً في التجارة عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يستخدم تجار التجزئة تلك الوسائل للترويج وبيع المنتجات والخدمات، ويتوقع أن يكون هذا الأمر نقطة التوسع التالية لتجار التجزئة المحليين، الذين استفادوا بالفعل من النمو الهائل للتجارة الإلكترونية على مدار السنوات الماضية، خاصة بعد الجائحة.
وأوضح الخاجة، أنه وبصرف النظر عن التجارة الإلكترونية التقليدية، فإنه من المتوقع أن يؤدي اتجاه التجارة عبر المنصات الاجتماعية إلى تحقيق عائدات تقدّر بالملايين لكبرى المتاجر في دبي، حيث أجبرت الجائحة العديد من العلامات التجارية الفاخرة التقليدية على اللجوء إلى الإنترنت لكن التجربة التفاعلية داخل المتجر ستظل حيوية لجذب الشباب، لاسيما في الإمارات، حيث يجذب نموذج التسوق الهجين المتسوقين الأصغر سناً.
وفيما يتعلق بتكيف مكونات قطاع التجزئة مع المتغيرات الجديدة، نجد أن مراكز التسوق في دبي تدمج بسلاسة العديد من الجوانب المختلفة لأنماط الحياة ومنافذ الترفيه في عروضها.
تعميق الشراكات
قالت سارة ويلرسدورف، الشريكة والمدير العام في شركة الاستشارات العالمية BCG، والتي أعدت تقريراً عن توجهات إنفاق الفئة العمرية الشابة:«إن التعاون والشراكة أمر جوهري لتحديد المفهوم الجديد للرفاهية الذي يبحث عنه الجيل الجديد، حيث يتوقع الابتكار في التصميم ورؤية أزياء تعكس توجهاته وذوقه وتفرده، لذا على العلامات التجارية الفاخرة تقديم المزيد من المجموعات ذات الإصدار المحدودة، وعقد شراكات مع المصممين المشهورين الذين يستوحون أعمالهم من هذا الجيل المؤثر لتحقيق النجاح والتميز».
وأضافت ويلرسدورف، يظهر هذا النوع من الشراكات بين العلامات التجارية بوضوح في مختلف مراكز التسوق في دبي، وهي نماذج لأحدث توجهات الشراكات بغرض الوجود في المتاجر المحلية.
مشاهير الشباب
وساعد ظهور الشباب المعروفين في المنصات الاجتماعية على إيصال العلامات التجارية الفاخرة إلى الأجيال الشابة لما يمثلونه من مصدر موثوق للتعرف على أحدث العلامات والمنتجات الفاخرة، حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن شخصاً واحداً على الأقل من كل اثنين من جيل الشباب يتطلعون إلى الشباب المشاهير للتعرف على أحدث التوجهات فيما يخص الرفاهية.
وذكر تقرير حديث لشركة Snap أن القدرة الشرائية لدى«جيل سنابشات» في المنطقة وحدها تقدر بنحو 425 مليار دولار (1.56 تريليون درهم).
وتشير التقارير الأخيرة إلى انتعاش قطاع الترفيه والتسلية في دبي الربعين الثاني والثالث 2021، ومن المتوقع أن يستمر هذا التوجه، حيث تعزز دبي تجارب البيع التقليدية التي تعد مكملة للتجارب الافتراضية، وهما يهدفان معاً لتحقيق النمو المستدام عبر القطاع.
مراكز تسوق للتواصل
ونظراً لكون مراكز التسوق في دبي والإمارات جزءاً مهماً من مكونات النسيج الاجتماعي، خاصة أنها ليست وجهة تسوق فحسب، بل مكاناً للتواصل أيضاً، فإن مراكز التسوق الكبرى هي بمثابة مناطق جذب سياحي عالمية رئيسية، وليست مجرد سوق للبيع فقط، حيث تشتمل على تجارب الطعام والترفيه وغيرها تثري تجربة التسوق.
وتعمل مراكز التسوق الحديثة على الابتكار في عروض الترفيه التي تقدمها لزيادة الوقت الذي يقضيه المتسوقون فيها، وبالتالي تحقيق عائدات غير مباشرة عبر مرافق مركز التسوق الترفيهية. ومن أمثلة ذلك: دور السينما المتعددة، القباب الثلجية، المتنزهات الترفيهية الداخلية، وأحواض الكائنات البحرية الضخمة في العالم.