التخطي إلى المحتوى

انضمت ولايتا كاليفورنيا وإلينوي إلى ولاية نيويورك في الإعلان عن حالة طوارئ صحية عامة بسبب تفشي مرض جدري القردة مع تزايد الحالات في جميع أنحاء البلاد. تلقفت دول كثيرة الإصابات وسارعت إلى اتخاذ تدابير واستراتيجيات صحية منعاً لتكرار سيناريو كورونا، ولكن ماذا عن لبنان؟ وماذا نعرف عن الحالات التي ثبتت اصابتها بجدري القردة؟

 

الحالات التي كُشفت في لبنان كانت من خلال معاينة لأحد الأطباء نتيجة ظهور عوارض واضحة، الأمر الذي استدعى تحويلها إلى وزارة الصحة لمتابعة الموضوع عن كثب. وعلى عكس حالة الهلع التي شهدها لبنان يوم تأكيد أول إصابة بفيروس كورونا، تلقف اللبنانيون الإصابة الأولى بجدري القردة بوعي وعدم ارتباك والبعض باللامبالاة.

 

وحسب بيان وزارة الصحة “تمّ رصد 4 حالات إصابة بفيروس “جدري القردة” في لبنان، منها حالة في العاصمة بيروت، و3 حالات في محافظة جبل لبنان. وأن المصابين الأربعة هم لبنانيون كانوا قد عادوا من السفر مؤخراً وفي أوقات مختلفة، وتمّ عزل المرضى في منازلهم فيما تتم متابعة حالة من خالطهم”.

 

وأشارت الوزارة إلى أنّه تمّ الإبلاغ عن 20 حالة يشتبه بإصابتها بفيروس “جدري القردة”.

 

هكذا انتهى البيان ومعه انتهى أي تفصيل أو متابعة جديدة. وفي محاولة لأكثر من 10 أيام لمتابعة مستجدات هذه الحالات وإمكانية زيادة الإصابات محلياً، إلا أننا لم نلقَ حتى الساعة أي جواب من وزارة الصحة “بسبب ضغوط العمل” مع التأكيد على معاودة الاتصال الذي لم يحصل حتى اليوم.

 

لا التعتيم يخدم ولا التهويل أيضاً، ومع ذلك لم يُحكَ مجدداً عن الحالات المسجلة في لبنان، وبقيت الإصابات المعروفة مقتصرة على الحالات الأربع المعلن عنها.

 

يتخوف رئيس التجمع الطبي الاجتماعي اللبناني وممثل الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية في لبنان البروفسور رائف رضا، من أن تكون الحالات المصرح عنها من قبل وزارة الصحة غير واقعية، خصوصاً في ظل غياب فحص الـPCR على المطار سواء للكشف عن فيروس كوورنا أو جدري القردة، والخوف من أن تكون الحالات أكثر من تلك المعلن عنها. وأتوقع أن تكون الحالات 10 مرات أعلى من المعلن عنها حتى الساعة، وأستغرب تكتّم وزارة الصحة وتعاطيها مع هذا الموضوع”.

 

نحن نعيش في ظرف صحي سيئ، المطار مفتوح والإصابات إلى ارتفاع في مختلف أنحاء العالم، إذ أعلنت أميركا وحدها تسجيل 6 آلاف اصابة بجدري القردة. برأي رضا أن “باب المطار هو طريق العبور للفيروسات إلى داخل لبنان، والحالات الأربع التي ثبت إصابتها بجدري القردة في لبنان كانت لأشخاص وافدين وليست محلية، ما يُذكرنا ويُعيدنا إلى جائحة كورونا ودخول الفيروس عبر المطار. والخوف اليوم من وصول هذه الحالات قبل اكتشافها ونقل العدوى إلى المقربين لها خصوصاً أن طريقة نقل الفيروس هي عبر استخدام أغراض للشخص المصاب أو النوم على سريره أو رذاذ التنفس أو اللعاب أو الدم أو العلاقة الجنسية مع شخص مصاب أو عبر الاحتكاك”.

 

 

ويستغرب رضا من أن جدري القردة “كان ينتقل من دول أفريقية إلى دول أوروبية في السابق، أما ما نشهده اليوم فهو العكس نتيجة السياحة الجنسية. ولقد تبيّن أن أكثر من 80% من المصابين في أوروبا هم من مثليي الجنس، في حين أن الـ20% فهم الأشخاص الذين لديهم مشاكل مناعية أو ضعف في المناعة مثل الأطفال والحوامل وبعض الأمراض المزمنة”.

 

ويتساءل رضا عن “كيفية ظهور جدري القردة الذي تم اعلان القضاء عليه منذ سنين طويلة، فما الذي أعاد ظهوره في العام 2022 على مساحات واسعة؟ تعتيم الحالات والفلتان الصحي سيدفع ثمنه الشعب اللبناني، ولا أستبعد أن نشهد على زيادة في الأعداد كما حصل مع فيروس كورونا. هناك إصابات صامتة تنتشر في ظل تكتم أو تعتيم من قبل وزارة الصحة”.

 

 

زيادة الأرقام بهذه الوتيرة المتسارعة، دفعت بمنظمة الصحة العالمية إلى إعلان حالة طوارئ صحية تفادياً منها لتكرار الخطأ نفسه الذي حصل مع جائحة كورونا يوم فضلت التريث أسبوعين قبل إعلان ذلك.

 

وتشمل عوارض جدري القردة عند المصابين:

* حرارة مرتفعة

* آلام عضلات

* تضخم الغدد اللمفاوية

* طفرة جلدية على اليدين والوجه ثم تنتشر في الجسم كافة

يتعافى معظم الناس منها في غضون أسابيع قليلة، ويقتصر العلاج على  العوارض.

لدى رضا أسئلة وشكوك كثيرة حول ظهور وانتشار حالات جدري القردة، وفق قوله ” هل من تصنيع بيولوجي لمرض جدري القردة؟ هذا الفيروس الموجود في مخازن المختبرات الدولية هل جاء الوقت لنشره وحصد المزيد من الأرواح والإصابات حول العالم؟ هل نحن أمام حرب باردة جرثومية؟ أسئلة كثيرة ستنكشف حقيقتها في المستقبل، وعندها لكل حادث حديث”.

 

في النهاية، لسنا في صدد الحكم على أحد، مشاركة المعلومات الصحية ضيئلة وخجولة في لبنان، وما يجري في القطاع الصحي يتخطى مسألة متابعة حالات جدري القردة، فالمرضى يموتون لعجزهم عن تأمين الدواء أو  الدخول إلى المستشفى. وما يجري عالمياً يستحق طرح الأسئلة بواقعية وموضوعية خصوصاً أن ظهور الفيروسات في الآونة الأخيرة مريب وتوقيته يحمل دلائل كثيرة.

Scan the code