التخطي إلى المحتوى

19 مليون نسمة.. الصين تفرض قيودا صحية صارمة على مدينة صناعية كبرى

حلقة جديدة من تنافس المغرب والجزائر على تصدير الغاز لأوروبا، حيث يسعى الطرفان إلى الظفر بصفقات لإنجاز المشروع الهادف لمد أنابيب من أفريقيا وحتى الشمال. 

ما العلاقة بين ألم المعدة والجلطة القلبية؟

ويهدف المشروع المغربي إلى إنشاء خط أنابيب للغاز يمتد لـ 6 آلاف كيلومتر، انطلاقا من نيجيريا مرورا بـ 11 دولة على طول الساحل الأطلسي، قبل الوصول إلى الأراضي المغربية ونقله إلى إسبانيا. وبالمقابل، تسعى الجزائر إلى إعادة إحياء مشروع يعود إلى عقود، يربطها بحقول الغاز النيجيرية عبر النيجر، على طول 4 آلاف كيلومتر.

دراسة: ما هو معدل ضغط الدم المثالي الذي يحميك من الإصابة بالمرض الشديد جراء كورونا؟

وفي أعقاب أزمة الطاقة بالعالم، عرفت الأشهر الأخيرة تطورات متسارعة في ملف ربط أوروبا بالغاز الإفريقي، مع تسجيل حركية سياسية ودبلوماسية واسعة من البلدين، ظهرت أبرز ملامحها في توقيع الجارين لمجموعة من الاتفاقيات مع الطرف النيجيري وباقي البلدان المعنية، وإصدار مسؤولي البلدين تصريحات تبرز جدوى وأهمية كل مشروع.

المغرب وغرب إفريقيا

وخصص العاهل المغربي، محمد السادس، حيزا واسعا في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى “المسيرة الخضراء”،  للحديث عن مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري، واصفا إياه بالاستراتيجي.

واعتبر الملك محمد السادس، أن أنبوب الغاز المغربي النيجيري، “مشروع من أجل السلام والاندماج الاقتصادي الإفريقي والتنمية المشتركة”، مضيفا: “نريده مشروعا استراتيجيا لفائدة منطقة غرب إفريقيا كلها التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة”.

ويبلغ طول مشروع خط أنبوب الغاز النيجيري-المغربي، 6 آلاف كيلومتر، وسيقطع دول بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا، وصولا إلى المغرب.

وسيتيح المشروع الذي لم يحدد بعد جدول زمني لإنجازه، نقل أكثر من 5000 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى المغرب، قبل ربطه مباشرة بخط أنابيب المغرب-أوروبا (GME) وشبكة الغاز الأوروبية.

وأعلِن عن مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب نهاية العام 2016. وشهر سبتمبر الماضي، وقع ممثلو المغرب ونيجيريا والسينغال وموريتانيا، مذكرتي تفاهم، في العاصمة الموريتانية نواكشوط.

ونشرت وكالة المغرب العربي، بيانا مشتركا أبرز أن المذكرتين “تؤكدان التزام الأطراف في إطار هذا المشروع الاستراتيجي، الذي بمجرد استكماله سيوفر الغاز لجميع بلدان غرب إفريقيا، كما سيفتح طريقا جديدة بديلة للتصدير نحو أوروبا”.

كما وقع المغرب والحكومة النيجرية مذكرة تفاهم أخرى مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيدياو) بالرباط، بعد أن أعلن شهر يونيو عن تقدم في الدراسات المتعلقة بالمشروع.

المشروع المغربي يهدف إلى إنشاء خط أنبوب للغاز يمتد لـ 6 آلاف كيلومتر، ويمر عبر 11 دولة

الأنبوب العابر للصحراء

وقبل يوم واحد، من خطاب العاهل المغربي، أكدت الجزائر التي تعد منتجا وموردا رئيسيا للنفط والغاز، وتمل خطين للتصدير إلى إيطاليا وإسبانيا، التزامهما مع نيجيريا بتنفيذ المشاريع الهيكلية التي تم إطلاقها بشكل مشترك ومنها أنبوب الغاز العابر للصحراء، وذلك خلال اللقاء الذي جمع وزيري خارجيتي البلدين السبت.

ويأتي هذا التأكيد، بعد أن وقع وزراء الطاقة الجزائري والنيجيري والنيجري مذكرة تفاهم لتنفيذ مشروع خط الغاز العابر للصحراء، على هامش الاجتماع الوزاري الثالث بشأن مشروع الأنبوب.

واتفقت الأطراف الموقعة على المذكرة، على إنجاز دراسة الجدوى وتعميق الدراسات لإنجاز مشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري، الذي ينطلق من أبوجا، مرورا بنيامي، ومنها إلى الجزائر تمهيدا لتصديره إلى أوروبا.

 وتعود فكرة إنشاء خط الغاز العابر للصحراء لسبعينيات القرن الماضي، قبل أن يتم توقيع مذكرة تفاهم حوله سنة 2002، غير أن المشروع لم يتم إطلاقه رسميا إلى اليوم.

ويبلغ طول أنبوب الغاز النيجيري الجزائري، المعروف باسم “أنبوب الغاز العابر للصحراء”، نحو 4128 كيلومترا، بسعة سنوية تبلغ 30 مليار متر مكعب، فيما تقدر كلفة إنجازه بحوالي 13 مليار دولار، بحسب رويترز.

نيجيريا.. المستفيد الأكبر

وستكون نيجيريا التي وقعت اتفاقيات مع البلدين المغاربيين، كل واحد على حده، المستفيد الأكبر من المشروعين، حيث تمتلك أكبر احتياطيات مؤكدة من الغاز في إفريقيا بحوالي 200 تريليون متر مكعب، معظمها غير مستغل. 

وترغب الحكومة النيجيرية في تسييل المزيد من هذا المورد لاستبدال النفط الخام الذي يعد السلعة الرئيسية في البلاد، والذي يشهد إنتاجه انخفاضا حادا، بسبب السرقة الهائلة لخطوط الأنابيب وضعف الاستثمار في المجال، وفقا لبلومبرغ.

وكشف وزير الموارد البترولية النيجيري، تيمبر سيلفا، لبلومبرغ، أن بلاده لديها احتياطيات مؤكّدة من الغاز تبلغ 206 تريليون قدم مكعبة.

وتطمح نيجيريا التي تتج نيجيريا حاليا 8 مليارات قدم مكعبة من الغاز يوميا، إلى زيادة إنتاجها إلى 12.2 مليار قدم مكعبة، ومعها زيادة صادراتها إلى أوروبا، مع مساعي القارة العجوز  إنهاء تبعيتها للإمدادات الروسية.

وأشار سيلفا في الحوار ذاته إلى عمل بلاده على تمديد خطوط للغاز إلى أوروبا عبر المغرب والجزائر، قائلا: “نركز خلال هذا العقد على تطوير موارد الغاز والكثير منه سيتجه إلى أوروبا، فنحن نبني خطاً للغاز يمتد حتى أوروبا عبر الجزائر، ونحن في شراكة مع الجزائر لبناء خط غاز سينقل غازنا مباشرة إلى أوروبا، ولدينا خطة أخرى مع المغرب لبناء أنبوب آخر سينقل الغاز النيجيري إلى القارة الأوروبية.

وأورد المتحدث، استكملنا 70% تقريبا من الخط الذي سينقل الغاز من جنوب نيجيريا إلى شمالها، وبعد انتهاء هذا المشروع المحلي، سنكون جاهزين لنقله إلى خارج البلاد إلى النيجر، ومن ثم عبرها إلى الجزائر.

أما بالنسبة للخط المغربي، أبرز سيلفا أنه مازال في مرحلة دراسة الجدوى الاقتصادية، وقال: “نعمل عليه بجد وهو سيعبر 15 دولة أفريقية، وسننقل الغاز عبره إلى المغرب، ومنه مباشرة إلى أوروبا”.

“تشويش جزائري”

الأستاذ بمعهد الدراسات الافريقية بالرباط، الموساوي العجلاوي، يعتبر أن المشروعين إن نجحا معا فهو أمر إيجابي خاصة في ظل الظروف العالمية الحالية، غير أنه عدد مجموعة من الأسباب الأمنية والاقتصادية والاستراتيجية التي تجعل من خط أنبوب الغاز المغربي النيجيري “أكثر أهمية لأوروبا وللقارة الإفريقية من نظيره الجزائري”، على حد وصفه. 

ويبرز الموساوي في تصريح لموقع قناة الحرة، أن مشروع خط نيجيريا ـ النيجر ـ الجزائر، يقل في مسافته وتكلفته المادية عن مشروع الربط بالمغرب، لكن “تحديات أمنية كبيرة تواجهه بمنطقة الساحل والأخطار بالصحراء الكبرى التي تعد من أكبر نقط التوتر وأقلها أمنا في العالم”.

ويشير المتحدث ذاته، إلى أن الأوراق الأمنية المتعلقة بالمشروع النيجيري الجزائري لن تسهل نهائيا من إنجازه؛ وذلك في ظل غياب الأمن على الشمال النيجيري؛ مع انتشار عناصر بوكوحرام وعصابات للجريمة العابرة للحديدة، مضيفا أن المنطقة التي سيمر منها المشروع في النيجر قريبة من غرب نيامي، تعرف كذلك انتشارا لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية. 

وبالمقابل، يبرز الخبير المغربي أن المشروع المغربي النيجيري، يقدم بديلا ملائما للبلدان الأوروبية التي تنظر إلى غرب إفريقيا، كبديل استراتيجي عن الغاز الروسي، بالإضافة إلى ما اعتبرها الأهمية والفرص التي سيوفرها للبلدان الـ11 التي سيمر منها أنبوب الغاز، حيث سيساعد في تثبيت الأنظمة السياسية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول.

وينتقد المتحدث ما يصفه بـ”التشويش” الجزائري على المشروع المغربي، مضيفا أن الجزائر وقعت مع نيجيريا مذكرات تفاهم واتفاقات منذ 2002، لكن دون تحقيق أي تقدم، وبدأت في إعادة طرح المشروع تزامنا مع عمل المغرب على مشروع مماثل، وأوضح أن النظام الجزائري “لا يريد لهذا المشروع أن يرى النور، لأنه سيخلق مجال جيوسياسي جديد اسمه شمال غرب إفريقيا يربط أوروبا بالمغرب مع 11 بلدا بغرب إفريقيا”.

“تنافس مشروع”

من جانبه، اعتبر الخبير في الشؤون الاقتصادية، بوبكر سلامي، أن التنافس بين البلدين “مشروع ومبرر، لأن كل دولة في العالم تسعى لبناء شراكات مع دول أخرى تعود بالفائدة على اقتصادها، غير أنه يشير إلى ضرورة أن يكون هذا التنافس في “حدود الاحترام المتبادل للأعراف والمواثيق الدولية”.

ويلفت الخبير الجزائري في تصريحه لموقع الحرة، إلى أن طبيعة العلاقة “المتوترة” بين الجزائر والمغرب هي ما أعطى لهذه القضية حجما أكبر من حجمها، موردا أن الجزائر مثل أي دولة ترغب في بناء اقتصاد قوي وشراكة طاقوية استراتيجية في إطار المنافسة الدولية خاصة، أنها تتميز على المغرب بكونها دولة منتجة للغاز وتملك البنية التحتية والخبرة في إدارة منشآت الغاز، على حد قوله. 

ويرفض المتحدث ذاته، اعتبار المساعي الجزائرية رغبة “في قطع الطريق على المغرب”، مشيرا إلى أن الموضوع يدخل في إطار المصالح الاقتصادية للجزائر وليس قطع الطريق عن طرف أو آخر”، موضحا إذا كان بالإمكان إقامة الخطين فلا مانع من ذلك بشرط أن توافق نيجيريا.

ويوضح المتحدث أن سعي المغرب لإقامة المشروع بمشاركة 11 دولة، “أمر صعب وشاق سواء على مستوى المفاوضات او التكلفة، لأن كل دولة يمر على أرضها الأنبوب سيكون لها حق المرور، مما سيرفع تكلفة سعر تكلفة الإنتاج بالتالي ارتفاع سعر البيع، مما يجعل المشروع يفقد قيمته” على حد قوله.

ويتابع الخبير الجزائي أن على المغرب إثبات نجاعة المشروع من خلال دراسة جدواه وآثاره الاقتصادية والأمنية والجيوسياسية، والتوصل لاتفاقات واذا تم ذلك فالجزائر لا دخل لها في الموضوع، لافتا إلى أن “المشروع الجزائري النيجيري، شهد تجاوز كل الصعوبات التي كانت تعترضه، لاتفاق نهائي للشروع في إنجازه”.

وفي نفس السياق، يورد سلامي أن مشكلا سياسيا سيواجه تنفيذ المشروع بالمغرب المغرب، ويتمثل في “الأراضي الصحراوية ومجالها البحري”، موضحا أنه حتى وإن تمكن من تأمين المرور فإن الدول الأوروبية، لن ترضى بشراء غاز يمر على أراضي متنازع عليها إلى غاية إيجاد حل في إطار الأمم المتحدة”.

Scan the code