بايدن وسياسة المناخ الجديدة
يؤكد الرئيس الأميركي جو بايدن في كل تصريحاته الإعلامية، إن الولايات المتحدة الأميركية «قادرة على القيادة على الساحة العالمية»، ويجب أن يرجع لها دورها القيادي كما كان لها في السابق، وبمعنى آخر فإن الرئيس بايدن يتبنى المدرسة الأوبامية، التي اشتغل فيها وكان جزءاً من تركيبتها.
وكل الاستراتيجيين الذين يقومون بتحليل السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية في مرحلة الرئيس ترامب، يقولون إن استراتيجية هذا الأخير كانت على مبدأ «أميركا أولاً» وعلى «مصلحة أميركا الاقتصادية أولاً»، وهي تتعارض مع القيم الاستراتيجية المشتركة التي جمعت كل رؤساء الولايات المتحدة الأميركية في المائة سنة الأخيرة، وبمعنى آخر فإن الرؤية التقليدية لأميركا عن العالم كما كان يراها أوباما ثم اليوم بايدن بدأت ترجع إلى الواجهة.
الرئيس ترامب كان يرى نفسه صاحب ورئيس شركة تملك العالم، بينما المدرسة الأوبامية تعتبر نفسها رئيسة لدولة عظمى هي دركي العالم وهنا الفرق! كل دولار تنفقه أميركا على المنظمات الدولية، وكل اتفاقية تجارية ولو كانت خاضعة للقواعد التجارية العالمية، كان يخضعها ترامب لميزان «أميركا أولاً» بينما أسلافه ثم الرئيس بايدن يعتبرون أنفسهم مقيدين بأعراف دبلوماسية وأخلاقية واستراتيجية وتقاليد تفرض على الولايات المتحدة الأميركية سياسات تشاركية.
ولعل هذا التوجه هو الذي أفضى بإقرار مجلس الشيوخ الأميركي منذ يومين لخطة الرئيس جو بايدن الكبرى بشأن المناخ والصحة، بعد مفاوضات شاقة دامت أكثر من 18 شهراً، على أن تعرض على مجلس النواب حيث من المتوقع أن تقر بتصويت نهائي قبل أن يوقعها بايدن لتصبح قانوناً نافذاً. ويعد تبني الخطة، التي تزيد قيمتها على 430 مليار دولار، نصراً مرحلياً لاستراتيجية بايدن الداخلية (الصحة) ثم الداخلية والخارجية (المناخ) قبل أقل من 100 يوم من موعد انتخابات نصفية حاسمة.
ففي مجال المناخ، تشكل الخطة أكبر استثمار في تاريخ الولايات المتحدة من أجل مواجهة التغير المناخي وتبلغ قيمتها 370 مليار دولار بهدف تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 40 في المائة بحلول عام 2030… وبموجب هذا الإصلاح، سيحصل المواطن الأميركي على نحو 7500 دولار من الإعفاءات الضريبية لدى شرائه سيارة كهربائية، كما سيحصل على تغطية نسبتها 30 في المائة لدى تركيب ألواح شمسية على سطح بيته؛ كما يهدف هذا المشروع اللامسبوق إلى تعزيز حماية الغابات في مواجهة الحرائق الشديدة التي تعصف بالغرب الأميركي والتي يُعزى تكاثرها إلى الاحتباس الحراري.
كما أنه بموجب هذا المشروع ستُمنح إعفاءات ضريبية بعدة مليارات من الدولارات للصناعات الأكثر تلويثًا من أجل مساعدتها على التحول في مجال الطاقة. ولا غرو أن أكبر ملوث للعالم إذا ما نجع في تنفيذ هذه الخطة سينجح في التأثير على دول صناعية أخرى في تبني نفس السياسات العمومية للتقليص من الاحتباس الحراري، وللحديث بقية.
* أكاديمي مغربي