الأمم المتحدة: (أ ف ب)
بعد صيف من الفيضانات «المدمرة»، وجّهت باكستان الجمعة، من منبر الأمم المتحدة، نداء يائساً من أجل إنقاذ الكوكب المهدد بفعل التغير المناخي، داعية إلى إنصاف الدول النامية التي تتحمل أعباء هذه الظاهرة في حين أنها من فعل الدول الغنية.
وصرح رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، الجمعة، في كلمته أمام الجمعية العامة بأن «باكستان لم يسبق أن رأت مثل هذا التجسيد المطلق، والمدمر لوطأة الاحترار المناخي».
وتضمن خطاب شريف إنذاراً قاتماً؛ إذ حذّر الأسرة الدولية من أن هذه «الكارثة» المناخية الناجمة عن أمطار «موسمية رهيبة»، ما هي إلا مقدمة لما ينتظر بقية العالم. وقال بنبرة غاضبة: «هناك أمر واضح للغاية: ما حدث في باكستان لن يبقى محصوراً في باكستان».
ورأى أن «تعريف الأمن القومي نفسه تغير اليوم، وما لم يتّحد قادة العالم ويتصرفوا الآن بناء على برنامج من الحد الأدنى، فلن تبقى هناك أرض لشن حروب عليها». وحذر من أن «الطبيعة سترد، والبشرية ليست في المستوى» المطلوب لمواجهة ذلك.
وتساءل شريف: «لماذا يدفع شعبي ثمن ارتفاع درجة حرارة الأرض»، في حين أن باكستان لا تمثل سوى 0.8% من انبعاثات الكربون في العالم. وكذلك خاطب وزير الخارجية بيلاوال بوتو زرداري الصحفيين في الأمم المتحدة قائلاً: «باكستان والباكستانيون لم يولّدوا هذه الأزمة، لكنهم ضحاياها بسبب النشاط الصناعي لدول أكبر».
وأضاف: «لا نستطيع، ولا نريد أسلحة أو مساعدة؛ بل نريد العدل لشعبنا وللدول الأخرى المتضررة جراء التغير المناخي».
وعرضت في ردهة قصر الأمم المتحدة في نيويورك، صور وخرائط لباكستان تغمرها الفيضانات، وكتب على إحداها: «اليوم باكستان. غداً ربما أي دولة أخرى».
وشهدت باكستان أمطاراً طوفانية زادت من شدتها، بحسب الخبراء، ظاهرة الاحتباس الحراري، فغمرت الفيضانات ثلث أراضي البلد، وتسببت بمقتل نحو 1600 شخص منذ حزيران/يونيو، وفق آخر حصيلة.
ودمرت الفيضانات مساكن ومحال تجارية وطرقات وجسوراً وأتت على محاصيل زراعية.
وقدّرت إسلام أباد خسائرها المالية بثلاثين مليار دولار، وأعلنت أنها ستطلب من الجهات الدائنة الثنائية تخفيف أعباء ديونها.
ونزح أكثر من سبعة ملايين شخص في البلاد بسبب الفيضانات، ويقيم العديد منهم في مخيمات مؤقتة من دون حماية من البعوض، ويعانون نقصاً في مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، زار البلد في 10 من سبتمبر/أيلول الماضي، لتفقد مناطق جنوبية غمرتها الفيضانات الكاسحة، فأعلن من هناك: «لم أشاهد يوماً مجزرة مناخية بهذا الحجم».
وحض غوتيريس الدول الملوِّثة الكبرى على «وقف جنون» الاستثمار في الطاقات الأحفورية.
وكذلك أعلنت نجمة هوليوود أنجيلينا جولي، أثناء زيارة لباكستان كمبعوثة من مفوضية شؤون اللاجئين، الأربعاء: «لم أشاهد شيئاً مماثلاً من قبل»، معتبرة أن هذا «إنذار للعالم».
وترى إسلام أباد أنه من الظلم أن تكون وطأة التغير المناخي بمثل هذه الشدة على بلد فقير يبلغ عدد سكانه 220 مليون نسمة، ولا يتخطى إجمالي ناتجه المحلي السنوي 350 مليار دولار.