التخطي إلى المحتوى

هدى جاسم (بغداد)

امتد العنف إلى محافظة البصرة في جنوب العراق، مع احتدام الأزمة السياسية، حيث قتل 4 أشخاص، على الأقل، في اشتباكات بين فصائل مسلحة تابعة لـ«الإطار التنسيقي» ونشطاء في «التيار الصدري»، حسبما أفادت مصادر أمنية.
وبدأت الاضطرابات باشتباكات عنيفة في الشوارع، استمرت ليومين في بغداد خلال الأسبوع، في أسوأ أحداث من نوعها تشهدها العاصمة العراقية منذ سنوات.
وبدأ التناحر بتحركات سياسية في البرلمان والقضاء، ثم انتقل الأمر للشوارع، مع انسحاب الصدر من العملية السياسية وتنظيم احتجاجات خلال الصيف وتطور الأمر للعنف بنهاية أغسطس.
وشهدت محافظة البصرة، على خلفية الاشتباكات، انتشاراً أمنياً لقوات الجيش والشرطة، فيما تجول محافظها أسعد العيداني لطمأنة العراقيين بأن الأوضاع تحت السيطرة.
ويقول الباحث في الشأن السياسي العراقي نبيل العزاوي لـ «الاتحاد»: «كنا نتوقع أن يكون هناك حواراً بعد الأحداث الدامية، وانسحاب التيار الصدري وإنهاء اعتصاماته»، مضيفاً: «لكن للأسف لا نزال ندور في حلقة التصعيد ذاتها، والرسائل بين الأطراف متشنجة من دون قبول بالحلول».
وحذر العزاوي «من أن يقدم الإطار التنسيقي على عقد جلسة للبرلمان، معتبراً أن ذلك سيؤدي إلى استفزاز التيار الصدري، ويمكن أن يتسبب في عودة الاعتصامات والاحتجاجات.
ويرى العزاوي أن العملية السياسية الآن في «غرفة الإنعاش وربما تحتضر»، داعياً إلى تحكيم العقل والحكمة، لكي لا يدخل العراق في منزلق عنف جديد.
ولفت إلى تحذيرات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، التي هدد فيها بإخلاء منصبه، مؤكداً أن ذلك سيدخل العراق في فراغ دستوري وتشريعي وقانوني، لذلك على الجميع أن يدرك خطورة المرحلة وإيجاد حلول يمكن تطبيقها على أرض الواقع.
وأما السياسي المستقل عمر الناصر فيعتقد أن «لغة التصعيد الإعلامي انخفضت حدتها»، مشيراً إلى أنها كانت خلف أسباب التوتر.
واعتبر الناصر أن قرار الصدر بالانسحاب الفوري من الاعتصامات ووقف العنف كان موقفاً مشرفاً ووطنياً، واستطاع من خلاله امتصاص غضب الجماهير، مضيفاً: «لم يسبق لأي شخصية سياسية أخرى أن نجحت في سحب جماهير مدججة بالسلاح كما حصل في المنطقة الخضراء».
وأكد الناصر في تصريح لـ«الاتحاد»، أن حل البرلمان لا يزال هو العقدة الرئيسة داخل الأروقة السياسية العراقية، وهي أبرز نقاط الخلاف بين «الإطار التنسيقي» و«التيار الصدري».
وتركت الخلافات الحادة بين «الإطار التنسيقي» الموالي للفصائل والميليشيات المسلحة، و«التيار الصدري» العراق، من دون حكومة لأطول مدة منذ عام 2003 عندما أطاح الاجتياح الأميركي بصدام حسين.
وقال مسؤول أمني طلب عدم نشر اسمه، لأنه ليس مصرحاً له الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، إن الموقف الأمني في البصرة سيء وقد يتصاعد.
وقال المسؤولان الأمنيان في البصرة، المركز الرئيس لإنتاج النفط في البلاد، إن أعنف اشتباكات وقعت خلال مساء أمس الأول في وسط المدينة. وأضافا إن اثنين من القتلى عضوان في «سرايا السلام» التابعة للصدر.
وصباح أمس، هاجم مسلحون مقرات حكومية في البصرة، حيث توجد قوات أمنية وجماعات شبه عسكرية تابعة للميليشيات المسلحة.
ولم يتمكن المسؤولون من التعرف بعد على المسلحين الذين أطلقوا النار على المقرات الحكومية.
وفي بغداد، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، هاجم عناصر في الفصائل المسلحة أنصار الصدر، واندلعت اشتباكات بعد أن أعلن الصدر اعتزاله نهائياً للحياة السياسية.
وباشرت أمس، لجنة تحقيق في الأحداث أعمالها، بتوجيه من الكاظمي. وأكدت مصادر سياسية وأمنية أن «اللجنة باشرت التحقيق»، وأن «جميع الكاميرات التي توثق أجزاء واسعة من الاشتباكات قيد الفحص والتدقيق».
وبعد إعلان الصدر، بدأ أتباعه الذين كانوا حتى ذلك الحين في اعتصام سلمي في البرلمان في اقتحام مقرات حكومية أخرى وتعرضوا لإطلاق النار عليهم وردوا على ذلك مما أطلق شرارة الاشتباكات.
ودعا الصدر إلى الهدوء في بغداد، يوم الثلاثاء، مما أسفر عن تراجع أعمال العنف على الفور.
لكن العقبات أمام تحقيق السلام لا تزال قائمة، إذ يدعو الصدر لحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة بينما يصر بعض منافسيه على تشكيل الحكومة الجديدة.
وللمرة الثالثة خلال أسبوع، أجلت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أمس، إعلان قرارها بشان حل البرلمان في دعوى رفعها «التيار الصدري»، إلى يوم الأربعاء المقبل.
وقال مصدر قضائي، إن المحكمة رفعت جلستها في دعاوى حل مجلس النواب، وحددت الأربعاء المقبل موعداً لإصدار القرار.
وكان من المقرر أن تصدر المحكمة حكمها يوم نهاية أغسطس المنصرم، لكن جرى تأجيلها إلى يوم أمس.

فرنسا: ندعم مسار الحوار
شددت فرنسا، أمس، على دعم مسار الحوار والتلاقي لمعالجة المسائل السياسية في العراق.
وأشار سفير فرنسا لدى العراق، إريك شوفالييه، خلال اجتماعه بالرئيس العراقي برهم صالح، إلى حرص بلاده «على أمن واستقرار العراق وسلامة شعبه، ودعم مسار الحوار والتلاقي لمعالجة المسائل السياسية في البلاد، وتحقيق التقدم والتنمية للعراق».
وحسب بيان للرئاسة العراقية، جرى خلال الاجتماع بحث العلاقات الثنائية المتينة التي تجمع البلدين والشعبين الصديقين، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات.
ووفق البيان، جرى التأكيد على التعاون في مختلف التحديات العالمية، خصوصاً مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والتعاون السياسي والاقتصادي والتجاري والثقافي وحماية البيئة ومواجهة أزمة التغير المناخي.

 

Scan the code