التخطي إلى المحتوى

تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في معاناة جسدية ونفسية غير مسبوقة للأطفال الأوكرانيين، ما ينذر بعواقب مستقبلية وخيمة عليهم لبقية حياتهم بسبب “ويلات الحرب”.

ويعاني عشرات الآلاف من المدنيين نتيجة الصراع الممتد في أوكرانيا، لكن تداعيات الحرب طالت الأطفال خاصة ما تسبب في معاناتهم “جسديا ونفسيا”، وبين هؤلاء الطفل البالغ من العمر 7 أعوام فقط، دانييل أفديينكو، وفقا لتقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.

إصابة خطيرة وصدمة نفسية

باستخدام عكازاته الزرقاء الصغيرة، أشار الطفل الأوكراني، دانييل أفديينكو، إلى بقعة بنية عميقة على الأرضية الأسمنتية لمدخل مبنى شقته، قائلا: “هذه دمائي”، قبل أن يشير إلى بقعة دماء أخرى، قائلا:”هذه من أمي”.

الطفل الأوكراني دانييل أفديينكو

الطفل الأوكراني دانييل أفديينكو

وخلال الأيام الأولى من الحرب، احتدم القتال في مدينة تشيرنيهيف بشمال أوكرانيا، وفي شهر مارس، كان دانييل ووالديه يركضون إلى ملجأ في الطابق السفلي من منزلهم، عندما أصابته “شظية في ظهره”. 

وبسبب الإصابة كان لابد من إزالة 60 سم من أمعائه، وبعد سبعة أشهر من إجراءه جراحه فما زال الطفل الأوكراني الصغير يتعافى من جروحه.

ومن المحتمل أن يحتاج الطفل الأوكرانيا إلى عدة عمليات جراحية أخرى، ورغم التحسن الذي تشهده “إصاباته الجسدية”، لكنه ما يزال يعاني من “الصدمة النفسية”، وفقا لـ”نيويورك تايمز”.

ويقول الطفل الأوكراني: “أشعر بالخوف عندما تبدأ صفارات الإنذار”، مضيفا “أنا خائف لأن الدبابات (الروسية) قد تأتي”.

وتغير سلوك دانييل بشكل ملحوظ، وفقد الطفل الصغير الاهتمام بألعابه السابقة، وأصبح يخاف “صوت الرعد” ويحب أن يبقى والديه في جواره، وفقا لحديث أسرته لـ”نيويورك تايمز”.

جيل يعاني

بالنسبة للأطفال الذين عانوا من إصابات خطيرة أو فقدان أحد الوالدين ، فإن طريقهم نحو التعافي سيكون صعبا للغاية، وقد يكون الدعم النفسي والطبي بعيد المنال على المدى الطويل، في بلد غارق في الصراع.

يتحدث دميترو هولوفاتشوك، وهو أحد جراحي العظام الذين عالجوا دانييل، عن معاناة الكثير من الأطفال من جروح نفسية وجسدية بسبب الحرب، مشيرا إلى أن “السرعة العالية والقوة التدميرية للأسلحة الحديثة” أدت إلى إصابات خطيرة بين صغار السن.

وقال هولوفاتشوك: “لم تكن لدينا أي خبرة في كيفية علاج مثل هذه الإصابات الخطيرة للأطفال”، مضيفا “ستؤثر هذه الأحداث بالتأكيد على جيل الأطفال بأكمله، وهذا أمر مؤكد”، وفقا لتصريحاته لـ”نيويورك تايمز”.

وأكدت أولينا أنوبرينكو، وهي مديرة قسم علم النفس بمستشفى أوهماديت، في العاصمة كييف، أن العديد من حديثي السن يعانون من قلق شديد أو اضطراب ما بعد الصدمة.

وقالت: “إذا كانت صدمة حرب، فمن الصعب للغاية توفير الإحساس بالأمان للطفل لأنه يفهم أن الحرب لم تنته”، وفقا لـ”نيويورك تايمز”.

وداخل المستشفى، تعمل الطفل الأوكرانية البالغة من العمر 6 سنوات، مارينا بونوماريوفا، عن كثب مع علماء النفس والمعالجين الفيزيائيين والمعلمين منذ وصولها إلى هناك بعد أسابيع من هجوم مدمر على منزلها في خيرسون بجنوب البلاد.

الطفل الأوكرانية البالغة من العمر 6 سنوات مارينا بونوماريوفا

الطفل الأوكرانية البالغة من العمر 6 سنوات مارينا بونوماريوفا

وفي 2 مايو، تعرض منزل الطفلة الصغيرة إلى هجوم عنيف تسبب في إصابتها بشظايا واستدعى “بتر ساقها اليسرى من تحت الركبة”.

وداخل المستشفى تحاول الطفلة الآن تعلم المشي مرة أخرى، وتقول والدتها “الطبيب الذي نعمل معه الآن، أخبرنا بالحقيقة، وقال لنا إنه من الصعب صنع الأطراف الصناعية للأطفال الصغار، ولكن لا توجد طريقة أخرى”.

وقبلت الطفلة الصغيرة حقيقة أنها ستكون “ذات ساق حديدية”، لكنها مازالت تعاني نفسيا جراء القصف الروسي المتكرر على العاصمة كييف حيث تتلقى العلاج الآن.

وأكدت والدتها أن الضربات الأخيرة تركت نجلتها “غير مستقرة نفسيا”، قائلة “كان الطبيب النفسي يعمل معها، ولكن بعد ذلك انقلب كل شيء مرة أخرى، كانت تصرخ ذلك الصباح”.

أطفال على خط المواجهة

وصلت المعاناة النفسية والجسدية إلى الأطفال في جميع أنحاء أوكرانيا، لكن أولئك الذين يعيشون بالقرب من خطوط القتال في الجنوب والشرق قد شاهدوا “أسوأ ما في الحرب”، وفقا لـ”نيويورك تايمز”.

الطفلة البالغة من العمر 13 عاما، كاترينا يورهو، كانت من بين هؤلاء، بعدما تعرضت هي وأسرتها للإصابة عند محاولتهم الهروب من قريتهم في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا.

الطفلة البالغة من العمر 13 عاما كاترينا يورهو

الطفلة البالغة من العمر 13 عاما كاترينا يورهو

وبسبب الإصابة تم انتزاع جزء من ساق الطفلة الصغيرة، ومازالت بعض “القطع المعدنية الصغيرة من الشظايا” مستقرة تحت جلدها.

وفي أبريل الماضي، كانت كاترينا وشقيقتها الصغرى يوليا  البالغة من العمر 9 أعوام، في محطة قطار في كراماتورسك مع والدتهما وخالتهن، في انتظار السفر إلى منطقة آمنة في غرب البلاد، عندما سقط صاروخ على الحشد الذي كان يقف في الخارج.

ونتيجة ذلك توفيت الأم وأصيب كاترينا، بينما كانت يوليا وخالتها داخل المحطة، فلما يلحق بهما أذى، وفقا لـ”نيويورك تايمز”.

وخرجت كاترينا هذا الخريف من مستشفى أوهماديت، حيث تلقت “علاجا نفسيا وجسديا”، وتعيش الفتيات الآن مع جدتهن وخالتهن في العاصمة كييف.

ومازالت كاترينا تعاني نفسيا فيه “لا تتحدث إلا قليلا وتكافح من أجل الحفاظ على التواصل البصري”، ولا تزال شقيقتها يوليا “غير قادرة على استيعاب فقدان أمها”.

Scan the code