الحاضنة الأوروبية للإرهاب
للتاريخ، فإن دولة الإمارات من أوائل الدول التي انتبهت لمشكلة الإرهاب. ويوجد تصريح شهير للراحل المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، انتقد فيه تنظيم «الإخوان» حين كان التنظيم يسرح ويمرح بالمنطقة. وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قاد بنفسه مرحلة من ضرب الإرهاب بيد من حديد وبلا هوادة. وبوقت مبكر جرّمت الإمارات تنظيم «الإخوان» وحظرته. من دون هذا الإجراء لم تكن للتنمية أن تكون، ولا للمسيرة أن تكتمل.
بعد عمليات التطرف منها انتحاري جدة، ومحاولة اغتيال سلمان رشدي، غرّد معالي الدكتور أنور قرقاش، مستشار رئيس دولة الإمارات، كاتباً: «منهج الإمارات الذي يركز على التسامح ورفض التطرف والعنف يثبت باستمرار قوته وصوابه كأحد أهم عوامل حماية المجتمع، وما نشهده من أحداث يؤكد أن موقفنا الواضح هو السبيل الأنجع لمنع انتشار هذه الآفة، التي عانت منها العديد من الدول، مسار رفض التطرف والإرهاب يجب أن يكون واضحاً لا لُبس فيه».
من قبل صرح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بأن:«الإرهاب يمثل أكبر تهديد للسلام والتنمية في العالم.. والإمارات من منطلق نهجها في دعم التسامح والتعايش.. ترفض استغلال الشعارات الدينية لبث خطابات الكراهية التي تُسيء إلى العلاقات بين الشعوب».
والكارثة أن دولاً غربية تحتضن الإرهابيين وتحرسهم، لذلك حذر سمو الشيخ عبدالله بن زايد منذ زمن من خطورة هذا الاحتضان الأوروبي وعواقبه الوخيمة، حينها علق الأستاذ تركي الدخيل على التصريح كاتباً:«حقّ للشيخ عبد الله بن زايد أن يغضب، ذلك أن مساحات الحرية تتاح للمدنيين، ولأهل نشر التسامح، ولمؤسسات المجتمع المدني، وأوروبا لم تقم بما قامت به دول إسلامية حول الجماعات الإرهابية، ففي السعودية صدر أمر ملكي رقم 44 تقسيم أ، بتاريخ 3 فبراير (شباط) 2014، تضمن وضع جماعات «القاعدة، و«الحوثيين»، و«حزب الله الحجاز»، و«الإخوان المسلمين»، و«جبهة النصرة»، وتنظيم داعش» ضمن الجماعات الإرهابية بقوة الأمر الملكي، الذي يعتبر أعلى أداة قانونية في البلاد.
وفي الإمارات صدر القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 في شأن مكافحة الجرائم الإرهابية، وأكدت المادة 14 من القانون أنه: يُعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد كل من ارتكب فعلاً، أو امتنع عن فعل من شأنه، أو قصد بتهديد استقرار الدولة، أو سلامتها، أو وحدتها، أو سيادتها، أو أمنها، أو مناهضاً للمبادئ الأساسية، التي يقوم عليها نظام الحكم فيها، أو قُصد به قلب نظام الحكم فيها أو الاستيلاء عليه».
تنفيذ عملية محاولة اغتيال سلمان رشدي من شخص مؤيد لـ«حزب الله» في قلب نيويورك، وتنفيذ عمليات لـ«داعش» في نيس وباريس ولندن، والسرح والمرح لمؤيدي «القاعدة» بعموم أوروبا، يبين مستوى الخلل القانوني تجاه الإرهاب. صحيح أن ثمة تعديلات أجرتها لندن حول قانون الإرهاب ولكنه ليس كافياً، كيف يقيم بلندن من يرثي الظواهري ويعتبره «شهيداً»؟ وكيف يقيم بها من يُكفّر الآخرين، أو يهدد الآخرين؟ أو يصفهم بالمجرمين؟ إن أوروبا إنْ لم تغير قوانينها ضد الإرهاب، فإن ضرباته ضدها ستستمر، وستكون حربنا على الإرهاب ناقصة.
* كاتب سعودي