توقع بنك إنكلترا في آب/أغسطس أن يصاب خامس أكبر اقتصاد في العالم (بريطانيا) بركود من نهاية عام 2022 حتى أوائل عام 2024.
أظهرت بيانات رسمية، اليوم الإثنين، أنّ الاقتصاد البريطاني نما بأقل من المتوقع في شهر تموز/يوليو، ما زاد من خطر أن تكون البلاد قد دخلت بالفعل في حالة ركود، مع انخفاض الطلب على الكهرباء بفعل الارتفاع الحاد في رسوم الطاقة، وتضرر قطاع البناء من قفزة في تكلفة الخامات.
وأظهرت البيانات أنّه مع بلوغ التضخم أعلى مستوى له في 40 عاماً متخطياً 10%، نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 % من حزيران/يونيو بأقل مما كان متوقعاً عند 0.4 % في المتوسط.
وكان الناتج المحلي الإجمالي ثابتاً خلال الأشهر الثلاثة حتى تموز/يوليو مقارنة بالأشهر الثلاثة التي سبقتها.
وقال بعض الاقتصاديين إنّ بيانات اليوم الاثنين تشير إلى أن الاقتصاد ربما يكون في طريقه للانكماش في الفترة من تموز/يوليو إلى أيلول/سبتمبر بعد أن تراجع بنسبة 0.1 % في الفترة من نيسان/أبريل إلى حزيران/يونيو.
وذكر جيك فيني، الخبير الاقتصادي في برايس ووترهاوس كوبرز “هذا يعني أن المملكة المتحدة ستدخل في ما قد يعرّف بأنه ركود للمرة الأولى منذ انتهاء قيود الإغلاق”.
وأوضح بول ديلز من كابيتال إيكونوميكس أنّ “الانتعاش الصغير المخيب للآمال في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في تموز/يوليو يشير إلى أن الاقتصاد لديه القليل من الزخم، وربما يكون بالفعل في حالة ركود”.
وتوقع بنك إنكلترا في آب/أغسطس أن يصاب خامس أكبر اقتصاد في العالم بركود من نهاية عام 2022 حتى أوائل عام 2024، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تضرر مستويات المعيشة من أسعار الطاقة التي ارتفعت بسبب الحرب في أوكرانيا.
لكن رئيسة الوزراء، ليز تراس، قالت الأسبوع الماضي إن وضع حد أقصى لرسوم الطاقة المحلية، إلى جانب توقعات بتطبيق عدد من التخفيضات الضريبية، قللا من مخاطر تعرض الاقتصاد لمثل هذه الضربة الطويلة الأمد، وإن كانت تكلفة ذلك 100 مليار جنيه إسترليني (116 مليار دولار) أو أكثر على المالية العامة البريطانية التي تعاني من ضغوط حادة بالفعل.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن الأدلة المتداولة تشير إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة يغير سلوك المستهلك، وأن الطلب على الطاقة قد انخفض.
وقفزت أسعار الكهرباء بنسبة 54 % خلال 12 شهراً حتى تموز/يوليو، ضمن زيادة أسعار الطاقة التي أدت إلى تولي رئيس وزراء جديد المنصب.
تأثير العطلة
وانخفض الإنتاج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6 % في حزيران/يونيو، الذي تخلله يوم عطلة عامة للاحتفال بمرور 70 عاماً على جلوس الملكة إليزابيث الراحلة على العرش.
وقال متحدث باسم مكتب الإحصاءات الوطنية إنّ تأثير العطلة لم يكن عاملاً كبيراً في تموز/يوليو.
وذكر صامويل تومبس، من بانثيون ماكرو-إيكونوميكس، أنّ عطلة عامة جديدة مقررة في 19 أيلول/سبتمبر لتشييع جنازة الملكة ستقلل الناتج الاقتصادي بمقدار 0.2 نقطة مئوية هذا الشهر، لكن الركود سيتم تجنبه على الأرجح بهامش ضئيل للغاية.
وعلى الرغم من تباطؤ الاقتصاد، من المتوقع أن يرفع بنك إنكلترا أسعار الفائدة مرة أخرى في 22 أيلول/سبتمبر لدى سعيه لمكافحة معدل تضخم تجاوز عشرة %.
وأضاف مكتب الإحصاءات الوطنية أن موجة الحر في تموز/يوليو، التي أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي، ربما كانت عاملاً آخر وراء انخفاض الطلب على الطاقة، لكن هناك مؤشرات على أنها في المقابل قدمت دفعة لمصنعي المثلجات، ولزيادة الزيارات لمتنزهات ترفيهية ونواد.
ونما ناتج الخدمات بنسبة 0.4 % شهرياً في تموز/يوليو، لكن الإنتاج الصناعي انخفض بنسبة 0.3 % كما تراجع ناتج البناء بنسبة 0.8 % ما يعكس قفزة في أسعار مواد البناء في إطار زيادة التضخم الأوسع نطاقاً، وخسارة ساعات من العمل بسبب الارتفاع الحاد في درجات الحرارة.
كما أظهرت بيانات مستقلة متعلقة بالتجارة تأثير الارتفاع الحاد في الأسعار، إذ وصلت قيمة واردات الوقود لأعلى مستوى على الإطلاق في تموز/يوليو مسجلة 11 مليار جنيه إسترليني بما يشكل نسبة قياسية بلغت 21 % من واردات كل السلع.
هذا وحذر خبراء الحكومة البريطانية، من أن البلاد ستغرق في أزمة طاقة أعمق، في غضون عام، من دون خطة فورية لتحسين المنازل وتقليل الطلب بشكل كبير على الغاز.
وتُصنف المملكة المتحدة من بين الأسوأ في أوروبا من حيث كفاءة استخدام الطاقة في منازلها، وفقاً لبحث جديد يوضح الحاجة الملحة إلى تقليل كمية الحرارة المهدرة، وبحسب تقرير لصحيفة “الغارديان”.
ويحذر الخبراء من أنه بينما اشترت ليز تراس الوقت للحكومة بحزمة تزيد قيمتها على 100 مليار جنيه إسترليني للحد من فواتير الطاقة، فستكون هناك حاجة إلى مخططات باهظة الثمن وغير مستدامة ما لم يتم تقديم خطط كبيرة لتحسين المنازل وتقليل الطلب.